حرب تجارية جديدة تشعل السوق بين نصف سكان العالم وأمريكا ومفاجأة اقتصادية لمصر والبريكس لإنهاء هيمنة الدولار

مع انعقاد قمة مجموعة “بريكس” في البرازيل بين السادس والسابع من الشهر الجاري، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديدًا غير مسبوق لدول الحلف، معلنًا عزمه فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على أي دولة “تتبنى سياسات مناهضة للولايات المتحدة”، وفقًا لتعبيره.

تأتي هذه التهديدات في ظل تصاعد التوترات الاقتصادية العالمية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات التجارية الدولية، وقدرة تحالف “بريكس” أو ما يسمى بـ”تحالف الجنوب العالمي” على مواجهة الضغوط الغربية، خصوصًا الأمريكية.

تحول جديد في استراتيجية واشنطن الاقتصادية

يهدف تكتل “بريكس” إلى تقليل الاعتماد على الدولار من خلال تعزيز المدفوعات بعملات الأعضاء، مع طموح طويل الأجل لإطلاق عملة مشتركة لمواجهة هيمنة الدولار. إن هذا التهديد يعكس تحولًا في استراتيجية واشنطن الاقتصادية، ويطرح تساؤلات حول إمكانية صمود التحالف أمام الضغوط الخارجية.

استقلال اقتصادي بعيدًا عن أمريكا

يعتبر الخبراء أن خطوة انضمام مصر إلى مجموعة “بريكس” تمثل مسعى جادًا نحو تحقيق استقلال اقتصادي وتقليل التبعية للنظام المالي العالمي القائم على الدولار. وفي منشور له على منصته “تروث سوشيال”، أعلن ترامب أن الرسوم الجديدة ستطبق اعتبارًا من الأول من أغسطس 2025، دون استثناءات، على الدول التي “تنخرط في سياسات بريكس المعادية للمصالح الأمريكية”.

لماذا يستهدف ترامب دول بريكس الآن؟

شهدت مجموعة “بريكس” توسعًا ملحوظًا بانضمام دول جديدة مثل مصر والسعودية والإمارات وإيران، لتصبح واحدة من أكبر التكتلات الاقتصادية عالميًا، تمثل نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ومع وجود دعوات داخل المجموعة لتقليص الاعتماد على الدولار، يُعتبر هذا التوجه تهديدًا مباشرًا لدور أمريكا الريادي في الاقتصاد العالمي.

ردود فعل دول البريكس: رفض قاطع

أكدت وزارة الخارجية الصينية أن “بريكس ليست منصة موجهة ضد الولايات المتحدة”، محذرة من أن “الرسوم العقابية ستؤدي إلى تقويض الاستقرار الاقتصادي العالمي”. وفي السياق ذاته، وصفت موسكو التهديد بأنه “إرهاب اقتصادي”، مشددة على أن زمن إملاء الإرادة الأمريكية على العالم قد ولى. كما أشار الرئيس لولا دا سيلفا في كلمته خلال افتتاح القمة إلى أن التحالف ليس “نادياً أيديولوجياً”، بل دعوة لإعادة توازن العلاقات الدولية.

التأثيرات الاقتصادية التي ستُدمر هيمنة الدولار

1. التجارة بالعملات المحلية
– إلغاء استخدام الدولار في التبادل التجاري بين أعضاء التحالف.
– مثال:
– مصر تشتري نفطًا من روسيا بالجنيه المصري أو الروبل.
– الهند تستورد من الصين بالروبية أو اليوان.
2. إطلاق عملة رقمية موحدة
– عملة رقمية مشتركة تسمى “بريكس باي” (ليست بديلة للعملات الوطنية).
– آلية العمل:
– التعامل عبر اليوان الرقمي (الصين).
– التحويل بالروبل الرقمي (روسيا).
– تهدف لخفض الاعتماد على الدولار 30% بحلول 2027.
3. تفعيل “بنك التنمية الجديد”
– تحويله لمنافس للبنك الدولي وصندوق النقد عبر:
– منح قروض بالعملات المحلية (بدون دولار).
– شروط ميسرة (فائدة 1% مقابل 5% في البنك الدولي).
– فتح الانضمام لدول جديدة (مصر من المرشحين الأوائل).
4. نظام تحويل أموال بديل لـ”سويفت”
– منصة جديدة لنقل الأموال بعيدًا عن النظام الغربي.
– تحييد العقوبات الأمريكية (مثل العقوبات على إيران).
– كسر احتكار التحويلات المالية الدولية.
– تحويل ديون الدول الأعضاء من الدولار إلى العملات المحلية.

كيف ستربح مصر من سياسات دول البريكس؟

تسعى السياسات الاقتصادية المصرية للتحرر من هيمنة الدولار، مما سيؤثر إيجابيًا على وتيرة الإصلاح الاقتصادي في البلاد. على سبيل المثال، قرض محطة الضبعة النووي (25 مليار دولار) كان يُسدد بالدولار، ولكن بعد القرار الجديد، سيكون السداد بالروبل الروسي فقط.

بداية طريق جديد في النظام العالمي

إن انضمام مصر إلى “بريكس” ليس مجرد انخراط في تكتل اقتصادي جديد، بل هو خطوة نحو إعادة تشكيل موقعها في النظام العالمي، نحو مزيد من الاستقلال والتنوع في التحالفات الاقتصادية. ومن غير المرجح أن ترضخ دول “بريكس”، خصوصًا الصين وروسيا، بينما قد تبقى الدول الأخرى، مثل الهند والبرازيل، تحرص على علاقات متوازنة مع واشنطن.