انطلاقة ساخنة: مؤتمر تمويل التنمية يستشهد ببرنامج نوفي كنموذج للجيل الجديد من المنصات الوطنية

شهد المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية (FFD4) الذي انعقد في مدينة إشبيلية الإسبانية، اهتماماً واسعاً بإصلاح الهيكل المالي العالمي ودعم جهود التنمية المستدامة. وقد أبرز البيان الختامي للمؤتمر المنصة الوطنية لبرنامج «نُوفّي» كنموذج رائد للجيل الجديد من المنصات الوطنية والأدوات المبتكرة في هذا المجال.

يأتي هذا المؤتمر في ظل تحديات اقتصادية عالمية متزايدة، منها أزمات الديون المتصاعدة وتراجع الاستثمارات، ما يجعل الحاجة لإعادة هيكلة النظام المالي العالمي أمراً ملحاً. يدعو تعهد إشبيلية، الذي تم إطلاقه خلال المؤتمر، إلى سد فجوة تمويل أهداف التنمية المستدامة التي تبلغ 4 تريليونات دولار، عبر تحفيز استثمارات واسعة النطاق وتنفيذ مبادرات مبتكرة.

المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية

شهد المؤتمر إطلاق 130 مبادرة ضمن «منصة إشبيلية للعمل»، التي تهدف إلى تنفيذ تعهد إشبيلية الذي يُعد أول تعهد دولي شامل لتمويل التنمية منذ عام 2015. يركز التعهد على تحفيز الاستثمارات والتنمية المستدامة، بالإضافة إلى معالجة أزمات الديون وإصلاح النظام المالي العالمي بما يتلاءم مع التحديات الاقتصادية الراهنة.

مبادرات منصة إشبيلية للعمل

من بين أبرز المبادرات التي تم إطلاقها، قيادة إسبانيا والبنك الدولي مركزاً لمبادلة الديون من أجل التنمية لتوسيع نطاق صفقات مبادلة الديون مقابل التنمية. كما قامت إيطاليا بتحويل 230 مليون يورو من الديون الأفريقية إلى استثمارات تنموية، فيما أطلق «تحالف شرط تجميد الديون» من الدول والبنوك التنموية مبادرات لتعليق مدفوعات الديون أثناء الأزمات. بالإضافة إلى ذلك، تم إطلاق منتدى إشبيلية للديون لتعزيز تبادل الخبرات والتنسيق في إدارة الديون بدعم من الأمم المتحدة وإسبانيا.

جهود التنمية والاستثمار المناخي

أكدت الدكتورة رانيا، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن المنصات الوطنية أصبحت أداة حيوية لتنسيق جهود التنمية والاستثمار المناخي وجذب رؤوس الأموال. وأشارت إلى أن منصة «نُوفّي» التي أطلقتها مصر في عام 2022، تمثل نموذجاً رائداً يدمج بين جهود التنمية والعمل المناخي، ويساهم في حشد الاستثمارات في مجالات المياه والغذاء والطاقة.

اتبعت مصر نهجاً مبتكراً في تصميم وتنفيذ أهداف منصة «نُوفّي»، بالتنسيق مع الجهات الوطنية وشركاء التنمية، مما مكّن الدولة من تعظيم الاستفادة من الاستثمارات العامة والتمويلات التنموية الميسرة ومبادلات الديون والمنح والاستثمارات الخاصة لتنفيذ مشاريع مستهدفة. وقد نجحت المنصة في حشد تمويلات ميسرة بقيمة 4 مليارات دولار خلال عامين ونصف لتنفيذ مشاريع طاقة متجددة بقدرة 4.2 جيجاوات، دعماً لجهود التحول الأخضر في مصر.

تشكل المشروعات المنفذة عبر منصة «نُوفّي» نموذجاً للشراكات البناءة بين الشركات المحلية والأجنبية، وبنوك التنمية متعددة الأطراف، والمؤسسات الدولية، والآليات التمويلية المبتكرة مثل مبادلة الديون، لضمان التنفيذ الفعّال وتحقيق الأهداف المرجوة. كما تتبع الوزارة نهج الشفافية، حيث أطلقت مؤخراً تقرير المتابعة الثاني لأداء المنصة ودورها في تعزيز جهود التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية.

في سياق متصل، نشرت منصة The Conversation، إحدى أبرز المنصات الأكاديمية والإعلامية الدولية، مقالاً تحليلياً بقلم ريتشارد كالاند، الأستاذ بجامعة كامبريدج، بعنوان “التمويل الإنمائي في عالم ما بعد المساعدات: دور المنصات الوطنية”. سلط المقال الضوء على أهمية المنصات الوطنية كأداة تنسيقية لتوجيه التمويل التنموي نحو أولويات واضحة، مع التركيز على منصة «نُوفّي» كنموذج مبتكر في مجالات المياه والغذاء والطاقة.

ويعد المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في إسبانيا أول مؤتمر أممي شامل لمناقشة تمويل التنمية منذ عام 2015، ويهدف إلى إعادة تشكيل منظومة تمويل التنمية العالمية في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة. استند المؤتمر إلى مخرجات خطة عمل مؤتمر أديس أبابا 2015، وإعلان الدوحة 2008، وإجماع مونتيري 2002، وشهد مشاركة أكثر من 15 ألف مشارك، بالإضافة إلى انعقاد 470 فعالية متنوعة.