تشهد سوق الطروحات العامة الأولية في أوروبا حالة من الركود رغم تحسن تدفقات الأموال إلى الأسهم وتراجع تقلبات الأسواق. يأتي ذلك وسط مخاوف متزايدة من تأثير التوترات في الشرق الأوسط على ثقة المستثمرين واستقرار الأسواق المالية.
فعلى الرغم من بعض علامات التعافي في الأسواق العالمية، بقي المستثمرون متحفظين تجاه الطروحات الجديدة بسبب القلق من التداعيات الجيوسياسية، خاصة النزاعات في المنطقة، فضلاً عن المخاوف من تقلبات أداء الأسهم بعد الإدراج.
شوف كمان: الرقابة المالية توافق على نشر تقرير إفصاح شركة يو للتمويل الاستهلاكي
تأثير الرسوم الجمركية والتوترات الجيوسياسية على السوق
في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية شاملة على واردات من معظم شركاء الولايات المتحدة التجاريين في أبريل، ثم تجميد تنفيذ القرار مؤقتًا، شهدت الأسواق العالمية صدمة قوية تلتها مرحلة تعافي تدريجي. فقد تراجع مؤشر التقلب “VIX”، المعروف بمؤشر الخوف في “وول ستريت”، بنسبة 67% منذ ذروته بعد إعلان الرسوم، وبلغت تدفقات الأموال إلى الأسهم الأوروبية ثاني أعلى مستوياتها في القرن الحالي.
حذر المستثمرين وتأجيل الطروحات الكبرى
رغم هذا التحسن، لا تزال الطروحات العامة الجديدة تواجه حذرًا شديدًا من المستثمرين، وفقًا لسبعة مستشارين للطروحات أكدوا استمرار “القلق في السوق”، خاصة بسبب الصراعات الجيوسياسية مثل الحرب بين إسرائيل وإيران، والتقلبات المحتملة في أداء الأسهم بعد الإدراج. وانعكس هذا الحذر على قرارات عدة شركات أوروبية كبرى، ففي ألمانيا، أعلنت شركة “برينلاب” المتخصصة في التكنولوجيا الطبية تأجيل طرحها في البورصة هذا الأسبوع بسبب “الضبابية الجيوسياسية”.
مواضيع مشابهة: نمو نشاط التأمين في مصر خلال أبريل 2025 وفقًا للرقابة المالية
تأجيل إدراج شركات كبرى وفشل بعض الطروحات
كما أرجأت شركة الأدوية “ستادا” إدراجها في مارس بسبب حالة التقلب، بينما أوقفت شركة “أوتودوك” لبيع قطع غيار السيارات خطط الإدراج الشهر الماضي دون الإعلان عن أسباب. وفي لندن، فشل طرح شركة “كوبالت هولدينغز” المتخصصة في المعادن، والمدعومة من “جلينكور” إحدى أكبر شركات التعدين في العالم، في جذب التمويل الكافي، رغم سعيها لتحقيق أكبر إدراج في بورصة لندن هذا العام.
وفي هذا السياق، أشار مستشارون ماليون إلى أن غالبية الأموال المتدفقة على الأسهم الأوروبية تذهب إلى الشركات الكبرى المدرجة بالفعل، وليس إلى الطروحات الجديدة. وأظهرت البيانات أن عدد الطروحات العامة الأولية في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا انخفض إلى 44 شركة خلال النصف الأول من عام 2025، مقارنة بـ59 شركة في الفترة نفسها من العام الماضي. كما تراجع إجمالي الأموال المجمعة من 14.1 مليار دولار إلى 5.5 مليار دولار فقط.
ورغم المشهد المتشائم، شهدت بعض الشركات نجاحات، منها شركة “هاكسو” السويدية لألعاب المراهنة الإلكترونية التي أدرجت أسهمها في بورصة “ناسداك ستوكهولم” في يونيو الماضي. وأشار محللون إلى أن السوق ربما يحتاج إلى “عطلة صيفية لإعادة التوازن”، مؤكدين وجود صفقات ناجحة رغم الضبابية العامة.
ورغم التباطؤ في أرقام الطروحات منذ بداية العام، أكد أحد المصرفيين في أسواق رأس المال أن المؤشرات الكلية ما تزال إيجابية، خاصة وأن الشركات المرتقبة لا تتأثر بشكل مباشر بالرسوم الجمركية، مما يعزز التوقعات بانتعاش سوق الطروحات بعد الصيف.