قفزة مفاجئة في دعم الدولة للصناعة وتعميق التصنيع المحلي يشيد بها المصدرون

أطلقت الحكومة المصرية مؤخرًا برنامجًا جديدًا لرد الأعباء التصديرية، في خطوة تعكس حرص الدولة على دعم الصناعة الوطنية وتعزيز النمو الاقتصادي القائم على التصدير. يأتي هذا البرنامج، الذي تم تطويره بالتعاون بين وزارتي الاستثمار والمالية، كنقلة نوعية في فلسفة دعم الصادرات، حيث لا يقتصر على تقديم دعم مالي مباشر، بل يشكل إطارًا مؤسسيًا متكاملًا يجمع بين التحفيز النقدي، والأدوات التمويلية الذكية، ورؤية استراتيجية تشاركية مع القطاع الخاص.

ويأتي البرنامج ضمن خطة الدولة الطموحة لرفع قيمة الصادرات السنوية إلى 145 مليار دولار، عبر تعميق التصنيع المحلي، وتشجيع الصناعات ذات القيمة المضافة العالية، وتعزيز تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق الإقليمية والدولية. وقد نال البرنامج إشادة واسعة من قيادات المجالس التصديرية وممثلي القطاعات الصناعية الذين أكدوا أنه يمثل نقطة تحول حقيقية في سياسة دعم المصدرين.

برنامج رد الأعباء التصديرية: دعم استراتيجي للصادرات الوطنية

يهدف البرنامج إلى توفير دعم متكامل للصناعات المصرية، مع مراعاة خصوصية كل قطاع. ويعتمد على آليات مبتكرة تلبي احتياجات المصدرين، خصوصًا من خلال دمج أدوات تمويل مرنة وآليات تسوية مالية تسهل على الشركات تصريف التزاماتها الحكومية بفعالية، مما يعزز قدرتها على التوسع والنمو.

دعم قطاع الحرف اليدوية وتطوير مهارات العاملين

أشاد هشام العيسوي، رئيس المجلس التصديري للحرف اليدوية، بالبرنامج الذي يولي اهتمامًا خاصًا لقطاع الحرف اليدوية، حيث خصص له مخصصات مستقلة تراعي طبيعته القائمة على المهارة والإبداع. ويشمل الدعم تطوير التصميمات، وبناء العلامات التجارية، والمشاركة في المعارض الدولية، بالإضافة إلى برامج تدريبية تهدف إلى رفع كفاءة الإنتاجية وتحسين مهارات العاملين.

آلية “المقاصة” وتمكين المصدرين ماليًا

من أبرز مزايا البرنامج الجديدة تفعيل آلية “المقاصة”، التي تسمح للمصدرين باستخدام مستحقات الدعم في تسوية الالتزامات الحكومية مثل الضرائب وفواتير الطاقة، فضلاً عن إمكانية استخدامها كضمان بنكي. هذه الآلية تساهم في تحسين التدفقات المالية للمصدرين وفتح آفاق تمويلية جديدة، مما يعزز قدرتهم على التوسع والاستثمار.

كما يمثل إصدار الدولة لصك أو مستند بقيمة الدعم نقلة نوعية تزيد من ثقة المؤسسات المالية بالمصدرين، وتدعم سعيهم لتطوير أعمالهم بشكل مستدام.

وشدد العيسوي على ضرورة إزالة العقبات التي تواجه التصدير وتوفير بيئة مرنة ومستدامة، مؤكدًا أن البرنامج هو بداية لبناء منظومة تصديرية قوية قائمة على شراكة حقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص، تهدف إلى تحقيق نمو طويل الأمد وليس انتعاشة مؤقتة.

وأكد أن البرنامج يعكس تحولًا في فلسفة دعم الصادرات، حيث بات يُنظر إليه كأداة استثمار تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، من خلال فتح أسواق جديدة، وزيادة معدلات التشغيل، وجذب العملة الأجنبية.

وأشار إلى الدور الكبير للقيادة السياسية، وقال: “الرئيس السيسي وضع هدفًا طموحًا لكنه واقعي، مما دفع جميع مؤسسات الدولة للعمل بجدية، ونحن في القطاع الخاص مستعدون للمضي قدمًا لتحقيق هذا الحلم.”

فرص جديدة للصناعات الهندسية

أكد المهندس شريف محمد الصياد، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، أن البرنامج يعكس نقلة نوعية في دعم الصادرات، حيث تم تصميمه بأسلوب تشاركي يأخذ في الاعتبار احتياجات كل قطاع صناعي على حدة. وأوضح أن البرنامج يمنح الصناعات الهندسية فرصة كبيرة للتوسع والولوج إلى الأسواق الدولية التي تشهد طلبًا مرتفعًا على المنتجات عالية التقنية والجودة.

وأشار إلى أن الدعم في البرنامج يرتبط بقيمة المنتج وتعقيده ومدى مساهمته في القيمة المضافة، مما يصب في مصلحة الصناعات الهندسية التي تعتمد على الابتكار والتصميم والتكنولوجيا. وأضاف أن تخصيص دعم مرن بقيمة 7 مليارات جنيه إلى جانب البرنامج الأساسي يعزز قدرة الشركات الهندسية على تطوير منتجاتها وزيادة نسبة المكون المحلي.

كما أكد الصياد أن الصناعات الهندسية من أكثر القطاعات قدرة على قيادة الصادرات المصرية نحو الأسواق الأوروبية والعربية والأفريقية، بفضل تنوع منتجاتها وجودتها العالية.

وأشار رئيس المجلس التصديري إلى أن تفعيل آلية “المقاصة” ضمن البرنامج يمثل خطوة مهمة لتخفيف الضغط المالي على الشركات، حيث تمكن المصدرين من تسوية التزاماتهم تجاه الحكومة بمستحقاتهم واستخدامها كضمانات تمويلية، مما يسرّع وتيرة نموها.