يواجه العالم اليوم فجوات تمويلية هائلة تقدر بنحو 4.2 تريليون دولار سنويًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030. ولكن الحل لا يكمن فقط في المساعدات أو التمويل التقليدي، بل في بناء منظومات تُطلق العنان لمواهب وإبداعات رواد الأعمال، خصوصًا الشباب والنساء، عبر أدوات تمويل ذكية ومتكاملة تعتمد على التكنولوجيا.
وفي هذا السياق، يلعب اتحاد الغرف العربية دورًا محوريًا في تعزيز دور القطاع الخاص كشريك أساسي في أجندة تمويل التنمية، من خلال دوره كحلقة وصل استراتيجية بين الحكومات والمستثمرين والشركات، ما يسهم في دفع عجلة الاستثمار والتنمية في المنطقة.
مواضيع مشابهة: أسعار الدواجن اليوم الأحد 22 يونيو 2025: قفزة مفاجئة في الأسعار!
اتحاد الغرف العربية ودوره في تمويل التنمية المستدامة
أكد الدكتور خالد حنفي، أمين عام اتحاد الغرف العربية، خلال جلسة عمل رفيعة المستوى بعنوان “إطلاق العنان لريادة الأعمال والابتكار من خلال الشمول المالي الذكي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة”، ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية (FFD4) بمدينة إشبيلية، أن الاتحاد يلعب دورًا أساسياً في تفعيل دور القطاع الخاص كشريك في تمويل التنمية. ويعمل الاتحاد كجسر استراتيجي بين الحكومات والمستثمرين والشركات، مما يعزز تدفقات الاستثمار الإقليمية عبر تشجيع إنشاء منصات استثمارية مشتركة تجذب رؤوس الأموال من صناديق الثروة السيادية العربية، وبنوك التنمية، والأفراد ذوي الملاءة المالية العالية.
تشجيع الاستثمارات في القطاعات الحيوية
تدعم هذه المنصات المشاريع التي تتماشى مع استراتيجيات التنمية الوطنية، مثل البنية التحتية، والطاقة المتجددة، والأعمال الزراعية. ويعمل الاتحاد بالتوازي مع الحكومات العربية للدعوة إلى إصلاحات تنظيمية تقلل من مخاطر الاستثمار، وتركز على حقوق الملكية، والضرائب، والتجارة عبر الحدود، وحل النزاعات، وهي إصلاحات ضرورية لإطلاق العنان لرأس المال الخاص طويل الأمد.
تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص
يدافع اتحاد الغرف العربية عن أُطُر الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي توجّه الاستثمارات نحو مشاريع البنية التحتية العامة والتنمية الاجتماعية، خصوصًا في قطاعات مثل تحول الطاقة، والخدمات اللوجستية، والرعاية الصحية، والتعليم، التي تمثل ركائز أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما يدعم الاتحاد منصات التكنولوجيا المالية والاستثمار الرقمي التي تُسهِّل الوصول إلى التمويل وربط المستثمرين بالمشاريع ذات الأثر العالي، خاصة في الأسواق التي تعاني من نقص الخدمات.
لدى الحكومات في المنطقة العربية فرصة كبيرة لإطلاق العنان لريادة الأعمال والابتكار كمحركين أساسيين للنمو المستدام. لتحقيق ذلك، يجب تبني منظومات وطنية شاملة لتمكين رواد الأعمال، بدءًا من تبسيط إجراءات تسجيل الأعمال والترخيص والضرائب، حيث أظهرت الدول التي اعتمدت نماذج “الشباك الواحد” وبوابات الحكومة الإلكترونية انخفاضًا ملحوظًا في الوقت والتكلفة لبدء الأعمال.
كما شدد الدكتور خالد حنفي على أهمية توسيع نطاق الوصول إلى رأس المال المستدام من خلال تعزيز برامج ضمان الائتمان لتقليل مخاطر الإقراض للشركات الصغيرة والمتوسطة، ودعم نمو الاستثمار المؤثر ورأس المال المخاطر، وأدوات التمويل الإسلامي، بالإضافة إلى تطوير منصات التكنولوجيا المالية ونماذج التمويل الجماعي. ففي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا تحصل سوى 8% من الشركات الصغيرة والمتوسطة على قروض رسمية، بينما تحصل فقط 6% من الشركات المملوكة للنساء على ائتمان رسمي مقارنة بـ 11% للرجال، وفقًا لمؤسسة التمويل الدولية. كذلك، تشارك 18% فقط من هذه الشركات في التجارة عبر الحدود، مما يحد من فرص النمو والتوسع، وهو ما يؤكد الحاجة إلى تمويل شامل.
ولا بد أيضًا من دمج ريادة الأعمال والمهارات الرقمية في أنظمة التعليم الوطنية مع توسيع برامج التدريب التقني والمهني.
يعتبر الدكتور خالد حنفي أن الشركات الصغيرة ورواد الأعمال بحاجة إلى توسيع نطاق أعمالهم، ولهذا يجب على الحكومات إزالة الحواجز غير الجمركية، ومواءمة اللوائح، وتوسيع نطاق وصولهم إلى التجارة الإلكترونية الإقليمية وأنظمة الدفع الرقمية. كما ينبغي تحفيز ريادة الأعمال العابرة للحدود وخدمات التصدير التي يقودها الشباب عبر تبسيط إجراءات الجمارك وتطوير المنصات الرقمية.
من نفس التصنيف: أسعار العملات الأجنبية والعربية مقابل الجنيه المصري اليوم السبت
وختم الدكتور خالد حنفي قائلاً: “إذا كنا جادين في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، فعلينا أن نكون جادين أيضًا في تمكين رواد الأعمال ليصبحوا فاعلين في التغيير. ولا يمكن لمؤسسة واحدة أن تحقق ذلك بمفردها، بل يجب أن تكون هناك أجندة مشتركة لتمويل التنمية تجمع بين الحكومات والقطاع الخاص ومؤسسات التنمية والمجتمع المدني. ريادة الأعمال ليست فجوة يجب سدّها، بل قوة يجب إطلاقها. والشمول المالي لا يتعلق بالإحسان، بل بالكرامة والوصول إلى الموارد والإنصاف. والابتكار ليس هدفًا بحد ذاته، بل وسيلة لبناء مستقبل أكثر عدلًا وديناميكية واستدامة. لذلك، يجب أن يكون هناك التزام مشترك لتحويل الطموح إلى عمل، وضمان أن يصبح الابتكار وريادة الأعمال محركات حقيقية للفرص للجميع”.