الحكومة تؤكد عدم ترك أي مواطن مصري بلا سكن أو مأوى

بعد جلسة برلمانية طويلة شهدها مجلس النواب برئاسة المستشار د. حنفي جبالي، تم حسم تعديلات قوانين الإيجار القديم في جلسته العامة أمس. حيث وافق المجلس نهائيًا على مشروع قانون مقدم من الحكومة يتناول بعض الأحكام الخاصة بقوانين إيجار الأماكن، ويهدف إلى إعادة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر. كما أقر المجلس مشروع قانون آخر لتعديل بعض أحكام القانون رقم 4 لسنة 1996، المتعلق بسريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي انتهت أو ستنتهي عقود إيجارها دون حق للبقاء فيها، والمعروف إعلاميًا بـ “تعديلات قانون الإيجار القديم”. جاءت هذه الموافقة النهائية بعد صراع تشريعي استمر منذ صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في نوفمبر من العام الماضي.

شهدت الجلسة رفضًا مزدوجًا من الحكومة ومجلس النواب لجميع الاقتراحات التي قدمها النواب لتعديل المادة الثانية من مشروع القانون، سواء من خلال استثناء المستأجر الأصلي وزوجه والجيل الأول من الالتزام بإخلاء الوحدة السكنية بعد فترة انتقالية مدتها 7 سنوات، أو عبر اقتراح حذف المادة بالكامل. وتنوعت الآراء داخل المجلس حول المادة الثانية، التي تعتبر الركيزة الأساسية لفلسفة مشروع القانون.

موقف الحكومة ومجلس النواب من المادة الثانية

رفضت الحكومة ومجلس النواب كافة الاقتراحات التي طالبت بتعديل أو حذف المادة الثانية من مشروع القانون. حيث اقترح النائب أحمد حمدي خطاب، عضو مجلس النواب عن حزب النور، استثناء المستأجر الأصلي من إخلاء العقار، مع تطبيق الاستثناء على من امتد إليه العقد في حالة وفاة المستأجر الأصلي، مستثنيًا إياهم من الإخلاء.

رفض التعديلات المقدمة من النواب

كما رفضت الحكومة مقترحات حذف المادة الثانية، التي قدمها عدد من النواب مثل عاطف مغاوري وسناء السعيد وعبد العليم داوود، معتبرين أن المادة تهدد السلم الاجتماعي خاصة في ظل عدم تقديم بيانات دقيقة حول البدائل المتاحة للفئات المتأثرة. وأكد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون القانونية والنيابية والتواصل السياسي، أن المادة الثانية تمثل جوهر مشروع القانون وفلسفته، وتعكس توجه الحكومة لإعادة العلاقة الإيجارية إلى أصلها العام بعد فترات طويلة من الاستثناءات. وأشار إلى أن القانون يفصل بين الإيجار السكني وغير السكني، مع التزام الدولة بتوفير بدائل سكنية آمنة.

استمرار رفض استثناء المستأجرين الأصليين

كما رفض المجلس مقترحين من النائبين أحمد الشرقاوي وضياء الدين داوود للنص على استثناء المستأجر الأصلي وزوجه وأولاده من المادة الثانية. حيث اقترح الشرقاوي إضافة عبارة تنص على استثناء المستأجر الأصلي وزوجه وأولاده من الإخلاء بعد مرور 7 سنوات، بينما أكد داوود أن حكم الدستورية يلزم البرلمان بضبط القيمة الإيجارية لتحقيق التوازن، مستثنيًا المستأجر الأصلي ومن امتد إليه العقد حفاظًا على المصلحة العامة. وردًا على ذلك، أكد المستشار محمود فوزي أن الحكومة متمسكة بالمادة الثانية، وترى أن أي استثناء سيؤدي إلى استمرار الوضع الاستثنائي.

من جهة أخرى، طالب النائب محمد الوحش بزيادة مدة الإيجار إلى 10 سنوات في السكني، مستندًا إلى صعوبة توفير مساكن بديلة للمستأجرين، خاصة أن بعضهم ينتظر وحدات سكنية منذ عام 1995. كما أشارت النائبتان سميرة الجزار وسحر بشير معتوق إلى ضرورة تمديد المدة إلى 15 سنة، نظرًا لأن العديد من المستأجرين من ذوي الدخل المحدود أو كبار السن لا يمتلكون القدرة المالية على توفير بدائل سكنية سريعة، وبعضهم يواجه ظروفًا صعبة للغاية.

وفي نهاية المناقشات، تم التصويت برفض جميع الاقتراحات، والموافقة على المادة الثانية كما هي، التي تنص على انتهاء عقود إيجار الأماكن السكنية بعد 7 سنوات من تاريخ العمل بالقانون، و5 سنوات بالنسبة للأماكن غير السكنية، ما لم يتم الاتفاق على الإنهاء قبل ذلك.

بعد التصويت، انسحب عدد من نواب المعارضة احتجاجًا على تمرير المادة ورفض التعديلات، وأصدروا بيانًا موقعًا من 23 نائبًا منهم ضياء داوود وأحمد الشرقاوي وعاطف مغاوري وسحر معتوق ومها عبد الناصر وسميرة الجزار.

وقبل اختتام المناقشات، تقدمت الحكومة بتعديل على المادة الثامنة من مشروع القانون يهدف إلى حماية كبار السن من الطرد، من خلال توفير بدائل سكنية مناسبة. وافق المجلس على هذا الاقتراح الذي ينص على عدم إخلاء المستأجر الأصلي وزوجه قبل توفير البديل بسنة واحدة على الأقل.

التزام الحكومة بضمان توفير البدائل السكنية

أكد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، أن الدولة لن تسمح بأن يكون هناك مواطن مصري بلا سكن أو مأوى، مشيرًا إلى أن مصر قد بادرت بالقضاء النهائي على العشوائيات، وتعمل على توفير بدائل سكنية قبل أي إجراءات إخلاء. وأوضح أن القانون يمنح المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار الحق في تخصيص وحدة سكنية أو تجارية من الوحدات المتاحة لدى الدولة قبل انتهاء مدة الإيجار، بشرط تقديم طلب مرفق بإقرار بإخلاء الوحدة المستأجرة فور تخصيص الوحدة الجديدة واستلامها.

وينص التعديل على أن الأولوية في التخصيص تكون للفئات الأولى بالرعاية، خاصة المستأجر الأصلي وزوجه ووالديه ممن امتد إليهم العقد، مع صدور قرار من مجلس الوزراء خلال 30 يومًا من بدء العمل بالقانون لتحديد قواعد وشروط التخصيص. كما يراعي الإعلان الضوابط حسب طبيعة المنطقة التي تقع فيها الوحدة المستأجرة في حال وجود ازدحام في الطلبات.

رحب د. عبد الهادي القصبي، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن في مجلس النواب، بهذا التعديل الحكومي، معتبرًا أنه يحل الأزمة القائمة، كما أشاد د. محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، بالمقترح الذي يعالج إشكالية توفير البديل السكني.