هل تعلم لماذا نصوم يوم عاشوراء؟

يحل علينا يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من شهر الله المحرم، حاملاً في طياته فضلاً عظيماً وفرصة نادرة لتكفير الذنوب ومحو الخطايا. يعد هذا اليوم من أيام الرحمة الإلهية ويجمع بين الذكرى التاريخية لنجاة سيدنا موسى من فرعون، والسنة النبوية التي تحث على الصيام والطاعة والنية الصادقة للتوبة والرجوع إلى الله. في هذا اليوم، تتسابق القلوب المؤمنة لنيل المغفرة والرحمة، مجددة العهد مع الله في بداية عام هجري جديد لعله يكون عامًا من الطاعة والخير والبركة.

يُطلق على اليوم العاشر من شهر المحرم اسم “عاشوراء”، وهي كلمة مأخوذة من “عشرة”، كناية عن ترتيب اليوم في الشهر. وقد عرفه العرب قبل الإسلام، لكن الإسلام أعطاه بعدًا روحيًا وتاريخيًا عظيمًا، فقد صامه النبي صلى الله عليه وسلم وأوصى المسلمين بصيامه لما فيه من فضل وثواب.

فضل صيام عاشوراء

يعتبر صيام يوم عاشوراء من أعظم أبواب نيل مغفرة الله عز وجل، فقد جاء في الحديث النبوي الشريف: “صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله”، أي أن الله يغفر للعبد بصيامه الذنوب الصغائر التي ارتكبها خلال العام المنصرم في كرم إلهي عظيم لا يقابل إلا بالإخلاص والنية الصادقة. هذا الفضل لا يعني التهاون في التوبة أو الإصرار على الذنوب، بل يعد الصيام بمثابة تجديد للعهد مع الله ودافع للتوبة والتزكية.

يوم عاشوراء في التاريخ الإسلامي

يرتبط هذا اليوم بحدث تاريخي عظيم، حيث نجى الله نبيه موسى عليه السلام وقومه من بطش فرعون، فصامه موسى شكرًا لله. واستمرت هذه الشعيرة حتى عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال عندما قدم المدينة ووجد اليهود يصومونه: “نحن أحق بموسى منكم”، فصامه وأمر بصيامه.

لماذا نصوم يوم عاشوراء؟

حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على مخالفة اليهود في طريقتهم، لذلك قال: “لئن بقيتُ إلى قابل لأصومنّ التاسع” [رواه مسلم]، أي أنه أراد أن يصوم يوم التاسع مع العاشر. ومن هنا استحب العلماء أن يُصام عاشوراء على ثلاث مراتب: المرتبة الأولى: صيام يوم التاسع والعاشر (وهو الأفضل)، المرتبة الثانية: صيام العاشر والحادي عشر، والمرتبة الثالثة: صيام العاشر وحده (وهو جائز وفضيل).

في ظل ازدحام الحياة وتسارع الأيام، يحتاج المسلم إلى التذكير بأهمية هذا اليوم وكيفية الاستفادة منه روحياً، فينصح بالتالي: 1- تجديد النية والتوبة الصادقة إلى الله. 2- صيام اليوم بنية خالصة لوجه الله. 3- الإكثار من الدعاء والاستغفار. 4- مساعدة المحتاجين والتصدق ولو بالقليل. 5- تعليم الأبناء والأهل فضل هذا اليوم وسنّته.

عاشوراء والحسين رضي الله عنه

لا يمكن الحديث عن يوم عاشوراء دون الإشارة إلى استشهاد الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه، حفيد النبي صلى الله عليه وسلم، في معركة كربلاء سنة 61 هـ، وهي حادثة أليمة في تاريخ المسلمين. لكن يجب التفريق بين فضل صيام عاشوراء الذي ثبت عن النبي قبل استشهاد الحسين وما يمارسه بعض الناس من بدع أو ممارسات لا أصل لها في الشريعة. فالمسلم يُحيي اليوم بما أحيى به النبي: صيام وذكر وشكر لله، لا لطم أو جزع أو طقوس محدثة.

يوم عاشوراء ليس فقط مناسبة للصيام، بل هو فرصة سنوية ذهبية لبدء صفحة جديدة مع الله بعيدًا عن الذنوب والغفلة. فصيام يوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة كاملة، ولكن لا يغني عن التوبة ولا يغني عن أداء الفرائض، بل هو من تمام الإيمان وسنة النبي الأمين.