ارتفاع درجة الحرارة ليس السبب الوحيد وراء تفضيل الناس لفصل الصيف على شتاء الأيام المظلمة، حيث يُبلغ الكثيرون عن تحسن مزاجهم خلال الأشهر الأكثر دفئًا.
لكن ما الذي يسبب هذا التغير في المزاج مع تغير الفصول؟ على الرغم من وجود العديد من العوامل المعقدة التي تؤثر على صحتنا ومزاجنا بسبب الطقس، إلا أن الجواب الرئيس يكمن في الدماغ وطريقة استجابته للتغيرات البيئية.
اقرأ كمان: حفلة فورا الذكريات في جدة تعيد إحياء سحر الألفية الجديدة في يونيو 2025
أثر درجة الحرارة على الجسم
تُحدد درجة حرارة الجسم الأساسية عند 37 درجة مئوية، حيث تنظم درجة الحرارة بواسطة منطقة في الدماغ تُعرف باسم الوطاء. يقوم هذا المركز العصبي باستقبال معلومات حول درجة الحرارة من جميع أنحاء الجسم، ليبدأ في اتخاذ إجراءات إما للتبريد أو للتدفئة وفقًا لذلك.
ما وظيفة الوطاء؟
يلعب الوطاء أيضًا دورًا في تنظيم إيقاعاتنا اليومية، وبشكل أكثر تحديدًا، جزء منه يُسمى النواة فوق التصالبية. إن التحكم في درجة الحرارة ودورات النوم والاستيقاظ يُداران من نفس المنطقة في الدماغ، مما يشير إلى ارتباط وثيق بينهما.
هذا الارتباط قد يساعد على تفسير سبب تغير مزاجنا بين الشتاء والصيف. يُعتقد أن التفاعل بين هذه المسارات العصبية يؤثر على المزاج من خلال تأثيره على النوم والنواقل العصبية المسؤولة عن المزاج.
مقال مقترح: سجل الآن في منصة المغرب 2025 مع كنوبس
على سبيل المثال، يواجه الكثير من الناس تدهورًا في مزاجهم خلال أشهر الشتاء، خاصةً في الأيام الطويلة والمظلمة. يُصاب بعض الأشخاص بالاضطراب العاطفي الموسمي (SAD)، وهي حالة ترتبط بنوبات اكتئاب تتقلب مع تغير الفصول، وتكون أكثر شيوعًا في الشتاء بسبب الأيام المظلمة ودرجات الحرارة الباردة.
يمكن أن يؤدي الاكتئاب أيضًا إلى اضطرابات في النوم، وخمول، وتغيرات في الشهية، خاصةً الرغبة الشديدة في تناول الكربوهيدرات. ومع حلول الصيف، يجد الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الشتوي تحسنًا ملحوظًا في أعراضهم.
تشير بعض الأدلة إلى أن الاكتئاب يرتبط بإفراز هرمون يُسمى الميلاتونين، الذي يؤثر أيضًا على إيقاعاتنا اليومية. تُنتج الغدة الصنوبرية الميلاتونين، وتتواصل عصبيًا مع منطقة ما تحت المهاد، مما يؤثر على توقيت وجودة النوم.
تظل مستويات الميلاتونين منخفضة نسبيًا خلال النهار، لكنها تبدأ في الارتفاع تدريجيًا في المساء، لتصل إلى ذروتها في منتصف الليل. ومع انخفاض مستويات ضوء النهار في الشتاء، يمكن أن يحدث خلل في مستويات الميلاتونين، مما يؤدي عادةً إلى زيادة إفرازه. قد يفسر هذا شعور الناس بالنعاس والإرهاق في فصل الشتاء، مما قد يسبب الاكتئاب.
حزن الصيف
عند قدوم الصيف، يُحدث تأثير أشعة الشمس وارتفاع درجة الحرارة على النواقل العصبية المعززة للطاقة مثل السيروتونين فرقًا ملحوظًا في المزاج. قد يُعزى ذلك جزئيًا إلى زيادة مستويات فيتامين د، الذي يُنتجه الجلد ويتطلب التعرض لأشعة الشمس لتحقيق مستويات أعلى، وقد ثبت أن فيتامين د يؤثر إيجابيًا على مستويات السيروتونين.
ومع ذلك، لا يشعر الجميع بالسعادة بسبب ارتفاع درجات الحرارة وطول أيام الصيف؛ فقد يشعر البعض بمزيد من الكآبة خلال هذا الموسم. هناك نوع آخر من الحزن، وإن كان نادرًا، يزداد سوءًا في الصيف ويصيب أقل من 10% من مرضى الحزن.