في خطوة تاريخية تهدف إلى تنظيم منظومة الإفتاء والحد من انتشار الفتاوى غير المنضبطة، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي القانون رقم 86 لسنة 2025 بشأن تنظيم إصدار الفتاوى في مصر، بعد موافقة مجلس النواب ونشره في الجريدة الرسمية. هذا القانون يأتي ليضع إطارًا قانونيًا واضحًا لمهام الإفتاء الشرعي، ويحدد الجهات المختصة والشروط الواجب توافرها في من يتولى إصدار الفتاوى، مع فرض عقوبات رادعة على المخالفين.
يهدف القانون إلى توحيد مصادر الفتوى الشرعية وضبط نشرها في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، بما يضمن استقامة الفتاوى وموثوقيتها، ويحد من الفوضى التي كانت تنتج عن كثرة الفتاوى غير الموثقة أو الصادرة عن جهات غير مختصة.
ممكن يعجبك: عودة محمد عز العرب وآيتن عامر بعد التصالح ماذا حدث؟
ملامح القانون الجديد
حدد القانون الجهات الرسمية المختصة بإصدار الفتاوى الشرعية العامة، حصرها في عدة هيئات معترف بها، لضمان موثوقية الفتاوى ودقتها.
الجهات المختصة بالإفتاء
تقتصر مسؤولية إصدار الفتاوى الشرعية العامة على أربع جهات رئيسية هي: هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، دار الإفتاء المصرية، ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية. كما تشمل اللجان المشتركة المنشأة بوزارة الأوقاف بالإضافة إلى أئمة الوزارة الذين تتوفر فيهم الشروط القانونية المحددة في القانون.
تعريف الفتوى الشرعية
عرّف القانون الفتوى الشرعية بأنها “إبداء الحكم الشرعي في شأن عام أو خاص”، مع التمييز بين الفتوى العامة التي تتعلق بالنوازل والقضايا المجتمعية، والفتوى الخاصة التي تتناول مسائل الأفراد.
ضبط النشر الإعلامي للفتاوى
ألزم القانون جميع المؤسسات الإعلامية والصحفية، والمواقع الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي بمنع نشر أو بث أي فتاوى شرعية إلا إذا صدرت عن الجهات أو الأشخاص المختصين وفقًا لأحكام القانون، حفاظًا على سلامة المحتوى الديني المقدم للمجتمع.
كما وضع القانون شروطًا صارمة لمنح تراخيص الإفتاء، خاصة لأعضاء اللجان المشتركة وأئمة وزارة الأوقاف، من أبرزها ألا يقل سن المتقدم عن 30 عامًا، وأن يكون من خريجي إحدى الكليات الشرعية بجامعة الأزهر أو ما يعادلها، وأن يكون معروفًا بحسن السيرة والسلوك والتقوى، وأن يكون له إنتاج علمي منشور في أحد المذاهب الفقهية، بالإضافة إلى اجتياز برامج تدريب وتأهيل تعدها هيئة كبار العلماء بالتنسيق مع دار الإفتاء.
كما نص القانون على ضرورة الحصول على ترخيص رسمي يحدد نوع ومدى ممارسة الإفتاء، مع إمكانية سحب الترخيص في حال المخالفة.
ممكن يعجبك: حلا شيحة تثير الجدل برؤيا يوم القيامة وتفاصيل مؤثرة عن تجربتها الروحانية
تلتزم اللجان المشتركة بالربط الإلكتروني والهاتفي مع مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية ودار الإفتاء المصرية لضمان المتابعة والدعم المستمر، ولهيئة كبار العلماء الحق في تشكيل لجان متابعة للتأكد من الانضباط والالتزام بالشروط والضوابط.
وفي حالة تعارض الفتاوى، يُرجح رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
أما العقوبات فقد نص القانون عليها بشكل واضح، حيث تشمل الحبس لمدة لا تزيد عن ستة أشهر، وغرامة مالية تتراوح بين 50 ألفًا و100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من يصدر فتوى شرعية دون ترخيص أو يخالف أحكام القانون.
كما فرض القانون على المؤسسات الإعلامية عدم استضافة غير المختصين في برامج الفتوى، وفرض عقوبات على المخالفين، رغم اعتراض نقابة الصحفيين على عقوبة الحبس والمطالبة بالاكتفاء بالغرامة.