كاتب سعودي يشارك دروس الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران ومواصفات حروب القرن الجديد

في ظل التغيرات المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، تحدث الكاتب محمد الساعد عن الدروس المستفادة من الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران، مبينًا كيف أن هذه الحروب لم تعد تنتهي بالاستسلام كما كان في السابق.

وفي مقاله الذي يحمل عنوان “دروس مستفادة من حرب الخليج الثالثة!” والمُنشر في صحيفة “عكاظ”، تناول الساعد العديد من النتائج والتساؤلات التي ستبقى عالقة في الأذهان لسنوات قادمة، مشيرًا إلى أن آخر استسلام شهدته البشرية كان استسلام خيمة صفوان بعد خسارة الجيش العراقي في حرب تحرير الكويت، مما يجعلنا نتساءل عن إمكانية رؤية استسلام آخر في المستقبل.

أولويات التسليح

أضاف الساعد أن الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران أظهرت العديد من الدروس التي ستؤثر على استراتيجيات التسليح للدول في العقود القادمة. فعلى الرغم من تحليق الطائرات الإسرائيلية فوق الأجواء الإيرانية لأسبوعين، إلا أن طائرات الدرونز والصواريخ العابرة أصبحت تحل محل الطائرات التقليدية مثل الرافال والميغ والـF-14، مما قد يؤثر على أولويات التسليح في المستقبل.

تطوير منظومات الدفاع الجوي

وأشار إلى أن تطوير منظومات الدفاع الجوي ومضادات الصواريخ أصبح أولوية قصوى، حيث أن سقوط صاروخ على حي سكني له تأثير أكبر من سقوطه على قاعدة عسكرية. ومع إطلاق مئات الصواريخ مصحوبة بآلاف الطائرات المسيرة، يتعين على الدول مواجهة تحديات جديدة، مما يستدعي ابتكار تقنيات حديثة للتصدي للهجمات الصاروخية.

بناء فكرة الانتصار في الوجدان الشعبي

وأوضح الساعد أن الأهم هو بناء فكرة الانتصار في الوجدان الشعبي، حيث لم تعد جميع الأطراف مقتنعة بفكرة الخسارة، بل أصبح إدارة تحقيق النصر أكثر أهمية من تحقيقه فعليًا. وهذا النقاش سيستمر بين الأطراف، حيث سيكون من الصعب على أي طرف إقناع الآخر بمن هزم ومن انتصر.

وأضاف أن أساليب الحروب تغيرت وأصبحت تُدار سياسيًا عبر النقاشات والوساطات، مع تقديم تضحيات وتنازلات. فغالبًا ما يقبل الوسطاء ببعض التضحيات لتحقيق مكاسب، وتنفذ تفاصيل الاتفاقات عبر قصف أو ضربات منسقة. وستظل العديد من هذه الاتفاقات سرية، طالما أنها تحقق مصالح المعنيين.

كما أشار إلى أن الضربة الجوية لم تعد قادرة على إحداث الاستسلام كما في السابق، مما يثير أسئلة حول إعادة النظر في أساليب التسليح. هل الجيوش بحاجة للطائرات ذات التكلفة العالية أم للصواريخ العابرة أو الطائرات بدون طيار؟ كما يتساءل الساعد عمّا إذا كانت الجيوش بحاجة للاشتباك المباشر كما كان في الحروب التقليدية، خاصة بعد تجارب أوكرانيا وغزة التي تُظهر استمرار الاشتباكات بسبب اعتمادها على العنصر البشري.

واختتم بالتأكيد على أن قواعد الاشتباك الجديدة تُظهر أن الحروب لم تعد تُشن من أجل الانتصارات فقط، بل لتحقيق أهداف سياسية دون رفع الرايات البيضاء أو تغيير الأنظمة. وأصبح من المهم منح الخصوم انتصارات متبادلة لتحقيق نتائج سياسية، وهذا هو ما تميزت به حروب القرن الجديد.