المشاط: الاستثمار في صحة الإنسان قرار استراتيجي لتحقيق النمو المستدام للدول

شاركت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في النسخة الرابعة من المؤتمر والمعرض الطبي الإفريقي «Africa Health ExCon»، الذي افتتحه الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية. أقيم المؤتمر خلال الفترة من 25 إلى 27 يونيو الجاري تحت شعار “الابتكار والاستقلال: تسخير الذكاء الاصطناعي والتصنيع المحلي لتعزيز أنظمة الصحة الأفريقية”.

وفي كلمتها التي ألقتها عبر الفيديو، أكدت الدكتورة رانيا المشاط أن العلاقة بين رأس المال البشري والمرونة الاقتصادية أصبحت واقعًا ملموسًا. فالاستثمار في صحة الإنسان يُعتبر من أهم القرارات الاستراتيجية التي يمكن أن تتخذها أي دولة تسعى لتحقيق نمو مستدام وطويل الأمد.

أهمية الاستثمار في رأس المال البشري

أشارت المشاط إلى أن هناك توافقًا عالميًا على أن الاستثمار في رأس المال البشري هو الأساس لبناء اقتصاد مزدهر. الدول التي تحقق درجات أعلى في هذا المجال تسجل معدلات نمو أعلى في الناتج المحلي الإجمالي وتتمتع بأسواق عمل أكثر مرونة وكفاءة. وفقًا لمؤشر رأس المال البشري الصادر عن البنك الدولي، فإن الدول التي توفر خدمات الصحة والتعليم لمواطنيها، خاصة الأطفال، يمكن أن تحقق زيادة في إنتاجية العمالة تصل إلى 40%.

التحديات العالمية وتأثيرها على الدول النامية

ذكرت الوزيرة أن حالة عدم اليقين العالمي والاضطرابات المتكررة تفرض على الدول النامية، وخاصة الأفريقية، واقعًا جديدًا يتطلب عدم الاعتماد على الآليات التقليدية للتمويل. وأوضحت أن توقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تشير إلى انخفاض محتمل في إجمالي المساعدات الإنمائية الرسمية بين عامي 2024 و2025، كما تقدر منظمة الصحة العالمية أن المساعدات المرتبطة بالصحة قد تنخفض بنسبة تتراوح بين 40% و60% خلال نفس الفترة.

استراتيجيات التمويل المستدام

في ظل هذه التطورات، يصبح من الضروري تنسيق الجهود للانتقال من الاعتماد على المساعدات الخارجية إلى بناء أنظمة تمويل صحية مستقلة، تقودها أفريقيا. وأكدت الوزيرة أن مصر تهتم بالاستثمار في رأس المال البشري، حيث يمثل ذلك ركيزة أساسية في أجندتها التنموية. كما أن الحكومة تتبنى نهجًا طموحًا لتصميم آليات تمويل مبتكرة توازن بين متطلبات النمو الاقتصادي والاستدامة طويلة الأمد.

أوضحت المشاط أن الموازنة العامة للدولة تخصص نحو 47% لتنمية رأس المال البشري، بما يشمل قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، مما يعكس أهمية تمكين المواطن المصري لتحقيق التقدم الوطني المستدام. كما أشارت إلى برنامج عمل الحكومة للفترة من 2024 إلى 2027 الذي يركز على تنمية رأس المال البشري، بالإضافة إلى المجموعة الوزارية للتنمية البشرية التي تعكس رؤية شاملة للتنمية.

وأكدت الوزيرة أن الرعاية الصحية هي حجر الزاوية في بناء مجتمع منتج، وهي أولوية وطنية استراتيجية في رؤية الدولة لتحقيق التنمية الشاملة. منذ السنة المالية 2020/2021 وحتى 2024/2025، خصصت الوزارة نحو 134 مليار جنيه للاستثمار في قطاع الصحة، مع تخصيص 69 مليار جنيه للعام المالي 2025/2026، مما يمثل زيادة بنسبة 64% مقارنة بالعام الحالي.

كما أضافت أن هذه الاستثمارات المحلية تعزز من خلال شراكات مصر مع شركائها الدوليين. ففي عام 2024، تم توجيه أكثر من 608 مليون دولار لمشروعات في قطاع الصحة، بما في ذلك التعاون مع البنك الدولي لتحسين نظام الرعاية الصحية. كما تم تنفيذ برامج لمبادلة الديون مع شركاء في أوروبا وآسيا، مما أسفر عن تحرير موارد إضافية للاستثمار في البنية التحتية الطبية.

في ختام كلمتها، أكدت المشاط أنه على الرغم من التقدم المحرز في مجال التنمية البشرية، لا تزال مصر تواجه تحديات رئيسية تتعلق بمحدودية التمويل. لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، يتطلب الأمر شراكات متعددة الأطراف تشمل الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص وشركاء التنمية، لضمان تقديم خدمات صحية منصفة وعالية الجودة.