استيقظ العالم اليوم الجمعة على وقع الهجوم الذي شنته إسرائيل على الداخل الإيراني، والذي أطلق عليه اسم “الأسد الصاعد”، حيث نجح جيش الاحتلال في توجيه ضربة قاصمة للدولة الفارسية، أسفرت عن تدمير جزء كبير من برنامجها النووي، بالإضافة إلى مقتل أبرز قادتها العسكريين وعلمائها النوويين.
ووفقًا لوسائل إعلام إسرائيلية، فإن الهجوم الواسع النطاق الذي نفذته إسرائيل على إيران بواسطة أكثر من 100 طائرة مقاتلة، يتوقع أن يستمر لعدة أيام وفقًا لتصريحات مسؤولين في جيش الاحتلال، وهذه التسمية مستوحاة من نص توراتي.
مقال مقترح: اتصال رئيس وزراء باكستان بالرئيس السيسي تفاصيله
وبحسب “سكاي نيوز عربية” – وفقًا للنص التوراتي، المقتبس من “سفر الصحراء”، فإن التسمية تعني “عام كلفي تاني”.
مقال مقترح: مؤسسة أبو العينين تقدم آلاف الوجبات للصائمين في مساجد آل البيت خلال يوم عرفة | صور
הן עם כלביא יקום וכארי יתנשא לא ישכב עד יאכל טרף וגם חללים ישתה.
وترجمة النص التوراتي إلى العربية هي: “شعب كالأسد يقوم.. وكالليث يشرئب.. لا ينام حتى يأكل فريسته ومن دم ضحاياه يشرب”
فداحة الضربات وبنك الأهداف الذي حققته إسرائيل بدقة وفي دقائق معدودة، رغم التحذيرات التي سبقت العملية بساعة واحدة وفق مصادر قريبة من حزب الله، أصاب الجميع بحالة من الصدمة حول قدرة دولة الاحتلال على اختراق الداخل الإيراني والفوضى العسكرية التي تعيشها الدولة الفارسية، والتي لم تمكنها من حماية قيادتها.
الخاسرون من الهجوم على إيران
لفهم ما جرى، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أحمد الطاهري، إن العملية الإسرائيلية لم تكن مفاجأة بل انتظرها جمهور المحللين والنخب كانتظار جمهور الكرة لمباريات الأهلي في كأس العالم للأندية، الفارق أن موعد مباريات كرة القدم معلن، أما العمليات التي جرت فقد تركت المنطقة تنتظرها لمدة 72 ساعة، مضيفًا: “دعنا نتوقف أمام عدة عوامل أرى أنها حاكمة لما مضى وما جرى وما هو قادم”
وتساءل الطاهري خلال منشور على صفحته بـ”فيسبوك”: “لماذا هذه الشخصيات تحديدًا التي تم استهدافها من قبل إسرائيل ومن هم؟”
وأوضح المحلل السياسي أن اللواء حسين سلامي القائد العام للحرس الثوري، يشرف على وحدات تمتد إلى خارج الحدود، واللواء غلام علي رشيد قائد مقر خاتم الأنبياء، مسؤول عن التخطيط العسكري الاستراتيجي، ود. محمد مهدي طهرانجي عالم نووي وأكاديمي، يمثل حلقة وصل بين الجامعات والبرنامج النووي (أحد آباء البرنامج النووي)، وفريدون عباسي شخصية سياسية علمية، تولى رئاسة منظمة الطاقة الذرية الإيرانية سابقًا.
كما طرح الطاهري سؤالًا حول تأثير هذه العملية على استقرار الشرق الأوسط، مؤكدًا أن “الضربات الإسرائيلية بحسب تقديره لا تؤدي ولن تؤدي إلى حرب إقليمية مباشرة شاملة كما يتصور البعض، لكنها تُبقي التوتر قائمًا ومشتعلًا وتقوض حركة استقرار المنطقة”.
وأشار الكاتب الصحفي إلى أن التهديد الأمني المباشر جراء هذه العمليات سينعكس على دول العراق، سوريا، لبنان، واليمن، وبحسب الطاهري، فهي “دول تعاني بالأساس من ضعف بنيوي على مستوى بناء المؤسسات والسيطرة الأمنية الكاملة”.
وأكد الطاهري أن الأسد الصاعد أنهى أي تقدم لمفاوضات الملف النووي وزاد من احتمالات الرد عبر وكلاء، حيث صرحت إيران أنها لن تشارك في جولة المفاوضات مع الولايات المتحدة والمقرر لها يوم الأحد في العاصمة القطرية طهران.
وشدد الكاتب الصحفي على أن الردع المباشر مرتبط بسرعة الرد الإيراني وقوته، وهي تقديرات مكبلة بحسابات دولية وإقليمية معقدة وتركيبة الصراع العالمي، معقبًا: “الأقرب للمنطق والسلوك الإيراني قد يدفعها إلى تطوير أدوات أذرعها إذا كانت تمتلك القدرة، وهنا مكمن الخطر على عدد ليس بقليل من الدول العربية”
وعن اللاعبين الدوليين في المنطقة، قال الطاهري: فيما يتعلق بالولايات المتحدة، فإن واشنطن تحتفظ بسياسة احتواء لإيران لمركزية إيران في الاستراتيجية الأمريكية حتى وإن كانت ترفض نظامها الحاكم، مشيرًا: “تسعى بأدوات تجمع بين الضغط والدبلوماسي لأن واشنطن لا تريد تدمير إيران ولكن تغيير تركيبة إيران، وفارق كبير بين هذا وذاك”
أما روسيا، فأوضح الكاتب الصحفي أن روسيا حليف لإيران في بعض الملفات تستفيد من التوتر لإضعاف الغرب في مواجهتها الحالية، والتجربة القريبة أثبتت أن دعمها لحلفائها له حدود.
وفيما يتعلق بالصين، فأكد الطاهري أن بكين معنية بالاستقرار لضمان ممرات الطاقة والتوسع التجاري فقط، ولا تريد ارتباك يؤثر على أهدافها.
أما الدول الأوروبية، فحسب الطاهري، تسعى لاستئناف الاتفاق النووي وتخشى تصعيدًا إقليميًا، مشيرًا إلى أن “التوتر العام مع إدارة الرئيس ترامب أفقدها فاعلية دبلوماسية وسياسية وعسكرية بسبب إضعاف الناتو، وبالتالي حضورها يشبه ظل لرجل عجوز ليس أكثر”.
وعن الأمم المتحدة، يقول إنها “محدودة التأثير والتواجد بسبب تعقد الصراع العالمي، ومن ثم أصاب مجلس الأمن، وهو جهازها المعني بحفظ السلم والأمن الدولي، موت سريري بسبب الفيتو الدائم المستمد من تعقد وتضارب المصالح”.
وفيما يتعلق بدور النظام الدولي في إدارة الصراع القائم في المنطقة، أكد الكاتب الصحفي أن النظام الدولي يعاني من ضعف في الردع الجماعي، ويسمح بتحركات منفردة تُخرج الصراع عن السيطرة، فيما يفشل في فرض مساءلة واضحة أو توفير ضمانات أمنية متبادلة.
واختتم الطاهري قراءته مؤكدًا أن “هذه الصورة بشكل عام تذهب بالضرورة إلى فصل إقليمي مرتبك، تستخدم فيه كل أدوات الحروب الحديثة، وقد تجد بعض الأطراف الدولية في هذا المجال فرصة ذهبية لاستغلال الفرص المتاحة للهروب من مواجهتها المباشرة، بأن تجعل الشرق الأوسط ميدانًا لتصفية صراعاتها وإعادة تمركزها من خلال استقطابات واضحة تجنبها المواجهة المباشرة”.