ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟ هذا سؤال مهم يثير تساؤلات الحجاج الذين يستعدون لإنهاء مناسكهم. فالمتعجل منهم يغادر قبل غروب شمس اليوم الثاني من أيام التشريق، بينما غير المتعجل ينتظر حتى اليوم الثالث. وفي كلا الحالتين، يُعتبر طواف الوداع آخر خطوة في مناسك الحج. لكن، ما هو حكم ترك هذا الطواف؟

من نفس التصنيف: كيفية تقسيم الأضحية وتوزيعها بشكل صحيح
ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج
توضح الصفحة الرسمية لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عبر فيس بوك، أنه بعد رمي الجمار في يوم النحر، ركب النبي ﷺ فذهب إلى البيت وطاف في يوم النحر، ثم صلى الظهر بمكة. وأمر أصحابه ﷺ أن يكون طواف الوداع آخر عهد لهم بالبيت الحرام. فقد قال ابن عباس رضي الله عنه: “كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله ﷺ: لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت.” [أخرجه مسلم]
مقال مقترح: جواز سفر سوري 2025 بسهولة في جيبك
وفقًا لجمهور أهل العلم، يُعتبر طواف الوداع آخر ما يفعله الحاج قبل مغادرته إلى وطنه بعد انتهاء المناسك. ويمكنه السفر فور الانتهاء منه. ويُعتبر هذا الطواف سنة مستحبة، ويستحب للحاج أن يجتهد في الدعاء أثناء الطواف، ويقول:
“اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُكَ، وَالْعَبْدُ عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، حَمَلْتَنِي عَلَى مَا سَخَّرْتَ لِي مِنْ خَلْقِكَ، حَتَّى سَيَّرْتَنِي فِي بِلَادِكَ، وَبَلَّغْتَنِي بِنَعْمَاكَ حَتَّى أَعَنْتَنِي عَلَى قَضَاءِ مَنَاسِكَكَ، فَإِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا، وَإِلَّا فَمُنَّ الْآنَ قَبْلَ أَنْ تَنْأَى عَنْ بَيْتِكَ دَارِي، فَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إِنْ أَذِنْتَ لِي، غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ وَلَا بِبَيْتِكَ، وَلَا رَاغِبٍ عَنْكَ وَلَا عَنْ بَيْتِكَ، اللَّهُمَّ فَاصْحَبْنِي بِالْعَافِيَةِ فِي بَدَنِي، وَالْعِصْمَةِ فِي دِينِي، وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي، وَارْزُقْنِي طَاعَتَكَ مَا أَبْقَيْتَنِي… اللهم إني أسألك عِلمًا نافعًا، ورِزقًا واسعًا، وشفاءً من كل داء.”.
وعند ركوب وسيلة السفر للعودة، يجب على الحاج أن يقول:
{سبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ مُقۡرِنِينَ * وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ} [الزخرف: 13، 14].
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الأَهْل، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالأَهْل. آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ.
حكم ترك طواف الوداع في الحج
اختلف الفقهاء حول حكم ترك طواف الوداع في الحج على النحو التالي:
القول الأول: الوجوب
يعتبر هذا الرأي مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة. ويُشدد على أن من ترك طواف الوداع يجب عليه ذبح شاة، لأنه يُعد واجبًا من واجبات الحج. ويستندون في ذلك إلى حديث ابن عباس رضي الله عنهما: “أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ، إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْحَائِضِ.”
القول الثاني: السنية
هذا الرأي يتبناه الحنفية، حيث يرون أن طواف الوداع سنة مؤكدة وليس واجبًا. وبالتالي، من تركه فلا شيء عليه. وهناك حالات تعفى من طواف الوداع، مثل الحائض والنفساء، بالإضافة إلى المقيم في مكة، حيث لا يُعتبر مسافرًا. أما من نسي الطواف، فيجب عليه العودة لأدائه إذا تذكر بعد مغادرة مكة بمسافة قصيرة، لكن إذا ابتعد كثيرًا، فلا يجب عليه الرجوع ولا شيء عليه، فالنسيان معفو عنه بإجماع العلماء.