اجتماعات لجان “الألكو” لمناقشة أسعار الفائدة بعد قرار خفض الفائدة

تستعد البنوك العاملة في السوق المصرية لعقد اجتماعات لجان الأصول والخصوم، والمعروفة باسم “الألكو”، اعتبارًا من يوم الأحد المقبل، حيث سيتم مراجعة وتحديد أسعار الفائدة على مجموعة متنوعة من المنتجات المصرفية، بما في ذلك شهادات الادخار والحسابات البنكية.

اجتماعات لجان “الألكو” لمناقشة أسعار الفائدة بعد قرار خفض الفائدة
اجتماعات لجان “الألكو” لمناقشة أسعار الفائدة بعد قرار خفض الفائدة

خفض أسعار الفائدة

تأتي هذه الاجتماعات في أعقاب قرار البنك المركزي المصري الأخير بخفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس (1%)، لتصل إلى 24% للإيداع و25% للإقراض، وتعتبر هذه الاجتماعات خطوة حاسمة لتحديث السياسات التسعيرية داخل البنوك، بما يتماشى مع التغيرات الأخيرة في السياسة النقدية، حيث تسعى كل مؤسسة مصرفية إلى اتخاذ قرارات تتناسب مع رؤيتها للسوق وتوازناتها المالية.

ما هي لجان الألكو؟

لجان “الألكو” هي لجان متخصصة داخل البنوك تهتم بإدارة الأصول والمخاطر، وتتحمل مسؤولية مراقبة مستويات السيولة والتدفقات النقدية، بالإضافة إلى متابعة التغيرات في أسعار الفائدة محليًا ودوليًا، وتقييم قرارات لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي وتأثيراتها على منتجات مثل القروض والودائع وشهادات الادخار.

أول خفض للفائدة منذ 2020

في أبريل الماضي، أنهى البنك المركزي خلال ثاني اجتماعات 2025 أطول دورة من التشديد النقدي في تاريخ مصر، حيث تم خفض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 200 نقطة أساس، لأول مرة منذ نوفمبر 2020، وقد عقدت اللجنة خلال عام 2024 ثمانية اجتماعات شهدت رفع أسعار الفائدة مرتين، الأولى في فبراير بنسبة 2%، والثانية في مارس بنسبة 6% دفعة واحدة، قبل أن تثبت الفائدة خلال الاجتماعات الستة التالية، واستمر التثبيت في أول اجتماع لعام 2025، قبل أن تقرر الخفض في اجتماعها الأخير.

بدأ المركزي سياسته النقدية المتشددة في مارس 2022، حيث تم رفع أسعار الفائدة تدريجيًا بمقدار 19%، أو ما يعادل 1900 نقطة أساس، لتسجل مستويات غير مسبوقة بلغت 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض، في محاولة للحد من معدلات التضخم القياسية التي تجاوزت 39% في 2023.

نتيجة لاجتماع البنك المركزي يوم الخميس 22 مايو 2025، تم تخفيض جديد في أسعار الفائدة على سعري الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية بمقدار 100 نقطة أساس، ليصبح 23% و24% و24.5% بالترتيب، وقد اتفق الخبراء على الأسباب التي قادت إلى استمرار التيسير النقدي الذي بدأه المركزي لأول مرة منذ ما يقرب من 5 سنوات، وتحديدًا منذ نوفمبر 2020، في الاجتماع السابق بأبريل عندما قرر تخفيض 225 نقطة.

لماذا قرر البنك المركزي خفض أسعار الفائدة؟

يأتي قرار البنك المركزي اليوم بخفض أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي، وسط توقعات بمواصلته التخفيض، مع العلم أنه سبق التيسير النقدي للمركزي الذي بدأ في 17 أبريل 2025 تثبيت الفائدة لسبع اجتماعات متتالية منذ آخر مرة، وقد شهد التضخم تراجعًا ملحوظًا خلال الربع الأول من 2025، وتراجع الدولار أمام الجنيه، وتحقيق الاستقرار القندي، واستقرار سعر الصرف، ودعم خطة الدولة للتوسع في الإنتاج بتخفيض تكاليف الإقراض، والظروف الدولية المواتية التي انعكست إيجابًا على تحسين إيرادات قناة السويس.

يأتي هذا القرار انعكاسًا لأحدث التطورات والتوقعات الاقتصادية منذ اجتماع لجنة السياسة النقدية السابق.

حالة عدم يقين عالمية

على الصعيد العالمي، تراجعت توقعات النمو منذ اجتماع لجنة السياسة النقدية في أبريل، وهو ما يُعزى بالأساس إلى التطورات المتلاحقة في سياسات التجارة العالمية واحتمالية حدوث مزيد من الاضطرابات في سلاسل التوريد، وبالتالي لجأ العديد من البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة إلى اتباع نهج أكثر حذرًا في إدارة سياساتها النقدية وسط استمرار حالة عدم اليقين بشأن آفاق النمو الاقتصادي والتضخم.

فيما يتعلق بالأسعار العالمية للسلع الأساسية، لا تزال أسعار النفط مدفوعة بعوامل من جانب العرض والتوقعات بانخفاض الطلب العالمي، أما بالنسبة للأسعار العالمية للسلع الزراعية الأساسية، فقد سجلت تراجعًا أقل حدة بسبب المخاطر المرتبطة بالمناخ، ورغم تراجع الضغوط التضخمية، لا تزال المخاطر الصعودية تحيط بمسار التضخم، بما في ذلك تفاقم التوترات الجيوسياسية واستمرار الاضطرابات في سياسات التجارة العالمية.

استمرار تعافي الاقتصاد المصري

أما على الجانب المحلي، فتفيد المؤشرات الأولية للربع الأول من عام 2025 باستمرار تعافي النشاط الاقتصادي، مع توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 5.0% مقابل 4.3% في الربع الرابع من عام 2024، وتشير تقديرات فجوة الناتج إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لا يزال دون طاقته القصوى رغم النمو المستمر في النشاط الاقتصادي، مما يشير إلى أن الضغوط التضخمية من جانب الطلب ستظل محدودة، ويتماشى ذلك مع المسار النزولي المتوقع للتضخم في المدى القصير، والذي يبقى مدعومًا بالأوضاع النقدية الحالية، ومع ذلك، من المتوقع أن يصل النشاط الاقتصادي إلى طاقته القصوى بنهاية السنة المالية 2025/2026.

وفيما يتعلق بسوق العمل، شهد معدل البطالة انخفاضًا طفيفًا ليسجل 6.3% في الربع الأول من عام 2025 مقابل 6.4% في الربع الرابع من عام 2024.

شهد التضخم السنوي انخفاضًا حادًا في الربع الأول من عام 2025، وهو ما يُعزى إلى تراجع حدة الضغوط التضخمية، وفعالية سياسة التقييد النقدي، والأثر الإيجابي لفترة الأساس، إلى جانب التلاشي التدريجي لأثر الصدمات السابقة، وبحلول أبريل 2025، استقر كل من المعدل السنوي للتضخم العام والأساسي عند 13.9% و10.4% على الترتيب، الأمر الذي يعود بالأساس إلى اعتدال التطورات الشهرية للتضخم نتيجة انخفاض أسعار السلع الغذائية، مما ساهم في الحد من تأثير ارتفاع تضخم السلع غير الغذائية إثر تحركات الأسعار المحددة إدارياً، ونظراً لأن الضغوط الناجمة عن تلك التحركات ذات طبيعة مؤقتة، استمر التضخم الضمني في اتخاذ مسار نزولي منذ بداية العام ليتقارب تدريجياً نحو مستواه المتسق مع مستهدف البنك المركزي للربع الرابع من 2026.

يشير تباطؤ التضخم العام والأساسي، بالإضافة إلى تراجع التضخم الضمني، إلى تحسن توقعات التضخم، وبالتالي من المتوقع أن يواصل المعدل السنوي للتضخم العام تراجعه خلال الفترة المتبقية من عام 2025 وعام 2026، غير أن إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة المنفذة والمقررة في عام 2025، فضلًا عن الثبات النسبي لتضخم السلع غير الغذائية، من شأنها إبطاء وتيرة هذا الانخفاض.