أصدرت الحكومة المصرية، وأقرّها مجلس النواب، تعديلات جوهرية على قانون العقوبات خلال عام 2024–2025، تهدف إلى تشديد العقوبات على جريمة التحرش في وسائل النقل وأماكن العمل، بالإضافة إلى تعزيز العقوبات على جريمة الابتزاز الإلكتروني. تأتي هذه التعديلات ضمن جهود الدولة لحماية المواطنين وتعزيز الأمن الرقمي، مما يعكس جدية متزايدة في التعامل مع هذه الجرائم.
تتكامل هذه التعديلات مع خطة برلمانية شاملة لتعزيز الحماية القانونية ضد الجرائم الرقمية، تشمل مراجعة التشريعات الإلكترونية وتطويرها بالتعاون مع الوزارات المختصة، مع التركيز على مواجهة الابتزاز الإلكتروني والمراهنات الرقمية المتنامية.
ممكن يعجبك: بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس احتفال ختام الشهر المريمي في كنيسة قلب يسوع
التشديد على عقوبات التحرش في المواصلات وأماكن العمل
نشرت هيئة التشريع نصوص قانون العقوبات المعدل التي تضمنت مواد جديدة تهدف إلى رفع سقف العقوبات على جريمة التحرش الجنسي في الأماكن العامة والخاصة، خصوصًا في وسائل النقل العام والخاص ومواقع العمل. العقوبات تراوحت بين السجن والغرامات المالية، مع تشديد العقوبات في ظل ظروف خاصة.
ممكن يعجبك: ثلاثة تحولات أساسية تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي وفقاً للوزراء
تفاصيل العقوبات على التحرش الجنسي
تبدأ العقوبات بالحبس من سنتين إلى أربع سنوات، مع غرامات تتراوح بين 100,000 و200,000 جنيه. في حال حدوث التحرش ضمن ظروف مشددة مثل وسائل النقل، مكان العمل، وجود الجاني مسلحًا، التكرار، أو تورط عدة أشخاص، ترتفع العقوبة لتصل إلى الحبس من 3 إلى 5 سنوات، وغرامة بين 200,000 و300,000 جنيه.
العقوبات المشددة في الحالات الأكثر خطورة
عندما يجتمع ظرفان مشددان، يصبح الحد الأدنى للعقوبة 4 سنوات حبس، وتضاعف العقوبة عند العودة أو تكرار الجريمة. في الحالات الخطيرة مثل تورط ضابط سلطة وظيفية أو أسرية، أو وجود قوة إكراه، أو التكرار في ظروف مشددة، تبدأ العقوبات من 7 سنوات حبس، وقد تصل إلى 10 سنوات في حال توافر ظروف متعددة. كما تصل الغرامات في حالات التكرار الشديد إلى 600,000 جنيه.
يهدف القانون إلى رفع سقف الردع والتمييز بوضوح بين التحرش العادي وتحت الظروف المشددة، مما يعزز حماية الأفراد خاصة في بيئات العمل ووسائل النقل.
تعزيز العقوبات على جريمة الابتزاز الإلكتروني
تم تعديل المواد 326 و327 من قانون العقوبات لفرض عقوبات مشددة على جريمة الابتزاز الإلكتروني، بما في ذلك السجن والغرامات المالية الكبيرة، لتعزيز الردع القانوني.
عقوبات الابتزاز الإلكتروني بالتهديد المالي
من يحصل على مال أو شيء بالتهديد عبر الإنترنت يُعاقب بالسجن المشدد لمدة لا تقل عن 5 سنوات، بالإضافة إلى غرامة تصل إلى 50,000 جنيه.
عقوبات التهديد بنشر محتوى مرتبط بجريمة خطيرة
في حال التهديد بنشر محتوى يرتبط بجريمة خطيرة مثل الإعدام أو المؤبد أو السجن المشدد، تفرض عقوبة السجن المشدد. كما تُعاقب جرائم التهديد عبر التقنية أو المساس بالشرف العائلي بالسجن حتى 5 سنوات وغرامة 50,000 جنيه.
عقوبات انتهاك الخصوصية والتسبب بالانتحار
يُعاقب القانون بالسجن من سنتين إلى سبع سنوات، مع غرامات تتراوح بين 100,000 و1,000,000 جنيه، في حال استخدام التطبيقات أو التكنولوجيا لانتهاك الخصوصية أو التسبب في انتحار المتضرر.
هذه العقوبات الجديدة تمثل سقفًا رادعًا متقدمًا، يعكس جدية متزايدة في مكافحة الجرائم الإلكترونية، ويوسع نطاق حماية الأرواح والسمعة الرقمية.
جهود البرلمان لتعزيز الحماية القانونية
قال النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إن التشريعات الإلكترونية ستُراجع وتُحسن بالتعاون مع الجهات المختصة، لمواجهة موجات الابتزاز الإلكتروني والمراهنات الرقمية المتزايدة. وتم طرح مشاريع قوانين متعددة تهدف إلى صياغة أطر تشريعية أكثر شمولًا وفعالية ضد الجرائم الرقمية.
الدرع التشريعي الجديد: حماية متكاملة وأمن رقمي متقدم
يأتي هذا التعديل في توقيت حاسم يستدعي تضافر جهود السلطات القضائية، الجهات الرقابية، الإعلام، والمجتمع المدني. فمواجهة التحرش في وسائل النقل وأماكن العمل لا يقتصر فقط على تطبيق القوانين، بل يتطلب تعزيز الوعي المجتمعي وثقافة الإبلاغ الفعالة.
أما في مواجهة الابتزاز الإلكتروني، فالحماية لا تقتصر على العقوبات القانونية، بل تشمل تطوير تقنيات رصد ذكية، بالإضافة إلى حملات توعية مكثفة تستهدف الشباب لتعزيز الحصانة الرقمية المجتمعية.
يمثل قانون العقوبات الجديد درعًا قويًا لمواجهة الانتهاكات الجنسية والرقمية، ويعد خطوة طموحة نحو مجتمع أكثر أمانًا وعدلاً، يتخطى التراخي إلى تطبيق رادع وجاهزية قانونية كاملة.