يشهد قطاع المقاولات في مصر نشاطًا ملحوظًا خلال عام 2025، مدفوعًا بالتوسع في تنفيذ مشروعات قومية كبرى واستثمارات ضخمة في البنية التحتية والمدن الجديدة. كما يلعب جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجال التشييد دورًا رئيسيًا في دعم هذا النمو. هذا النشاط المتصاعد يثير تساؤلات حول تأثيره على سوق الإسكان، وهل ستنعكس هذه الطفرة إيجابيًا على مشروعات الإسكان المختلفة.
وفقًا لأحدث التقارير الدولية، يتجه قطاع المقاولات في مصر نحو صعود قوي، مع توقعات بنمو قطاع التشييد والبناء بنسبة 6.5% بالأسعار الحقيقية خلال عام 2025، ليصل حجم السوق إلى نحو 1.52 تريليون جنيه، مقارنة بـ1.42 تريليون جنيه في 2024، بنسبة نمو تقدر بـ7%.
مقال له علاقة: اسعار العملات اليوم بالبنوك المصرية الاحد الموافق 29 يونيو 2025 بمنتصف التعاملات
نمو سوق الإنشاءات وتوقعاته المستقبلية
تشير الأبحاث إلى أن قيمة سوق الإنشاءات في مصر سترتفع من 55 مليار دولار في 2025 إلى 82 مليار دولار بحلول عام 2030، مدفوعة بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 8.4%. هذا النمو يعود بشكل كبير إلى الدعم الحكومي المستمر وزيادة مشاركة القطاع الخاص في المشروعات التنموية.
شوف كمان: نتائج التحقيق في حادث جنوح السفينة RED ZED 1 تثير مفاجأة اقتصادية كبيرة
الانعكاسات الإيجابية على مشروعات الإسكان
تنعكس هذه الطفرة في قطاع المقاولات إيجابيًا على مشروعات الإسكان القومي والاجتماعي، حيث ساهمت في رفع معدلات التنفيذ وتسريع تسليم الوحدات وتقليص فترات الانتظار. كما شجعت المطورين العقاريين على استئناف مشروعات مؤجلة، خاصة في المدن الجديدة والعاصمة الإدارية، إلى جانب تحسين جودة التنفيذ بفضل دخول شركات مقاولات كبرى تتمتع بكفاءة فنية وتمويل قوي.
التحديات السلبية التي تواجه سوق الإسكان
على الجانب الآخر، أدى ارتفاع أسعار مدخلات البناء مثل الحديد والأسمنت، بالإضافة إلى زيادة أجور العمالة، إلى ارتفاع تكلفة البناء بنسبة تتراوح بين 15 إلى 20% خلال آخر 12 شهرًا. هذا الارتفاع يهدد بزيادة أسعار الوحدات السكنية في السوق الحر. كما تستمر هيمنة البناء غير الرسمي، الذي يمثل نحو 82% من الوحدات السكنية المشيدة في مصر وفق دراسة حديثة صدرت عام 2023، مما يقلل من قدرة الدولة على ضبط السوق وتحقيق الاستفادة الكاملة من الطفرة الحالية.
الجهود الحكومية لموازنة السوق العقاري
تسعى وزارة الإسكان والمرافق إلى امتصاص تأثير الزيادات السعرية عبر عدة أدوات، منها طرح أراضٍ جديدة لمشروعات الشراكة مع القطاع الخاص بهدف توسيع قاعدة المعروض، ودعم تنفيذ مشروعات الإسكان الاجتماعي والمحدود الدخل رغم ارتفاع التكاليف، بالإضافة إلى تثبيت أسعار بعض الوحدات المتعاقد عليها مسبقًا لتخفيف العبء على المستفيدين.
كما تستهدف الحكومة تقليص الاعتماد على البناء العشوائي من خلال تسريع إجراءات التراخيص، وتقديم حوافز للمطورين والمقاولين الذين يلتزمون بالبناء الرسمي وفق الكود المصري.
تمثل الطفرة الراهنة في قطاع المقاولات فرصة ذهبية لتحفيز السوق العقاري وتحقيق دفعة قوية في ملف الإسكان، لكنها في الوقت ذاته تتطلب إدارة دقيقة لضمان عدم انعكاسها سلبيًا على أسعار الوحدات السكنية. تحقيق هذا التوازن يستدعي استمرار تدخل الدولة وتحفيز القطاع الخاص على الابتكار في نظم التمويل والتشييد، بما يضمن استمرار المعروض وتنوعه، خاصة للفئات التي تعاني من فجوة سكنية.