هبوط مفاجئ في دور المصارف بدعم اقتصادات الدول حسب البنك المركزي

يلعب القطاع المصرفي دورًا محوريًا في دعم اقتصاديات الدول، ويتأثر أداؤه بعدة عوامل متنوعة تتطلب إدارة دقيقة للمخاطر التي تواجهه. فبالإضافة إلى المخاطر التقليدية التي اعتادت البنوك التعامل معها، ظهرت مخاطر جديدة مثل مخاطر تغير المناخ التي تشمل الفيضانات، الأعاصير، حرائق الغابات، الجفاف، والضغوط الحرارية التي تؤثر مباشرة على محافظ الائتمان والاستثمار.

ومن جهة أخرى، شهدت الصناعة المصرفية تحولًا جذريًا في مجال التكنولوجيا، حيث تحولت من كونها داعمة إلى مزعجة بفعل التطورات السريعة والمتلاحقة. هذا التحول الرقمي وظهور الأصول والعملات المشفرة والرقمية، يعتمد بشكل كامل على البنية التكنولوجية، مما أسهم في تسهيل تقديم الخدمات المصرفية من أي مكان وفي أي وقت، لكنه في الوقت نفسه أحدث تحديات جديدة في إدارة المخاطر بسبب الهجمات السيبرانية ومحاولات الاختراق غير الشرعية التي تستهدف البيانات والمعلومات البنكية.

دور التكنولوجيا وتحديات إدارة المخاطر في القطاع المصرفي

أوضح عصام عمر وكيل محافظ البنك المركزي المساعد خلال كلمته في منتدى إدارة المخاطر، أن التكنولوجيا أصبحت عنصرًا محوريًا في الصناعة المصرفية، مع تحولات ضخمة نحو البنوك الرقمية وظهور العملات الرقمية. هذه التطورات سهلت تقديم الخدمات المصرفية بشكل غير مسبوق، لكنها أضافت أيضًا طبقة جديدة من المخاطر التي لم يكن القطاع معتادًا عليها، خاصة فيما يتعلق بالهجمات السيبرانية التي تهدف للاستيلاء على البيانات والتحكم في البنوك.

المرونة المالية والتشغيلية كضمان للاستقرار

أكد وكيل محافظ البنك المركزي أن البنوك المركزية تركز على ضمان سلامة واستقرار القطاع المصرفي من خلال تعزيز المرونة المالية والتشغيلية. المرونة المالية تعني توافر السيولة والملاءة المالية لضمان استمرار التمويل للقطاعات الاقتصادية المختلفة، إلى جانب المحافظة على معدلات النمو والربحية، وتعزيز القواعد الرأسمالية للبنوك بشكل مستمر.

مؤشرات السلامة المالية وأداء القطاع المصرفي المصري

أظهرت مؤشرات السلامة المالية في القطاع المصرفي المصري مرونة قوية، حيث بلغ معدل كفاية رأس المال 18.3% في نهاية مارس 2025، متجاوزًا النسب الرقابية المقررة، فيما بلغت نسبة تغطية السيولة بالعملة المحلية 853% وبالعملة الأجنبية 188%. كما سجلت نسبة صافي التمويل المستقر نحو 180%، في حين بلغت نسبة الديون غير المنتظمة 2.2%، مما يعكس جودة المحافظ الائتمانية لدى البنوك.

أما المرونة التشغيلية فتتمثل في ضمان استمرارية الأعمال واستعداد البنوك للتعامل مع حالات التوقف والاضطرابات، من خلال وجود خطط طوارئ وإدارة أزمات كفؤة. وقد أصدر البنك المركزي تعليمات رقابية عدة لدعم إدارة المخاطر وتعزيز المرونة التشغيلية، منها تعليمات خاصة بإدارة مخاطر التشغيل واحتساب متطلبات رأس المال، بالإضافة إلى إلزام البنوك بالحفاظ على خطط استمرارية الأعمال وتحديثها بانتظام.

كما أصدر البنك المركزي تعليمات خطط التعافي لتمكين البنوك من مواجهة خسائر كبيرة قد تعيق استمرارها في أداء دورها، وطرح الإطار التنظيمي الأول للأمن السيبراني في القطاع المصرفي والمالي لتعزيز الحماية الإلكترونية. كما تم تحديث النظام الموحد لمراجعة طلبات البنوك والمؤسسات المالية بما يتوافق مع أحدث معايير الأمن السيبراني في حوكمة التطبيقات الإلكترونية.

ويُجرى تطبيق اختبارات الضغوط الكلية والجزئية دورياً لتقييم التأثير المحتمل للمخاطر على الملاءة المالية والسيولة، واتخاذ التدابير التصحيحية اللازمة للحفاظ على استقرار النظام المالي. علاوة على ذلك، أصدر البنك المركزي تعليمات خاصة بالسيولة الطارئة وطور نظم المراجعة الرقابية، ونظم الإنذار المبكر والتدخل المبكر، بالإضافة إلى إجراءات تسوية أوضاع البنوك المتعثرة.

واستجابة للتطورات الرقمية، أصدر البنك المركزي قواعد لترخيص البنوك الرقمية والإشراف عليها، بهدف تعزيز انتشار الخدمات المصرفية الرقمية وضمان حمايتها من المخاطر المصاحبة.