شهدت الأسواق العالمية والمحلية ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات يوم الجمعة، 4 يوليو 2025، مدعومة بزيادة الطلب على الملاذات الآمنة في ظل المخاوف المالية المتزايدة بعد إقرار الكونجرس الأمريكي لقانون خفض الضرائب والإنفاق الذي اقترحه الرئيس دونالد ترامب، بالإضافة إلى تراجع قيمة الدولار الأمريكي.
سجلت أونصة الذهب في السوق العالمي ارتفاعًا بنسبة 0.5% لتصل إلى 3345 دولارًا، وهو أعلى مستوى لها منذ أكثر من أسبوعين. بدأت تداولات اليوم عند 3324 دولارًا، ثم ارتفعت لتتداول حاليًا قرب 3342 دولارًا للأونصة. ورغم تراجع الذهب بنسبة 0.9% يوم أمس بعد صدور بيانات قوية من سوق العمل الأمريكي، إلا أن المعدن النفيس يتجه لتسجيل مكاسب أسبوعية تقارب 2.1%، وهي الأولى بعد أسبوعين متتاليين من الخسائر.
شوف كمان: «مفاجأة في أسعار الذهب» مع ارتفاع التحويلات الأجنبية.. سعر الذهب في مصر اليوم الاثنين 30 يونيو 2023
أسباب ارتفاع أسعار الذهب
أظهرت بيانات الوظائف الصادرة يوم الخميس أن الاقتصاد الأمريكي أضاف 147 ألف وظيفة خلال يونيو، متجاوزًا التوقعات، مع انخفاض معدل البطالة إلى 4.1%. هذه الأرقام عززت موقف الفيدرالي الأمريكي في الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة، مما ضغط على أسعار الذهب في جلسة الأمس، حيث أن تشديد السياسة النقدية يقلل من جاذبية الذهب كأصل غير مدر للعائد.
التأثيرات السياسية على السوق
تلقى الذهب دعمًا جديدًا بعد أن مرر الكونجرس مشروع قانون ترامب، المتوقع أن يضيف نحو 3.4 تريليون دولار إلى الدين العام الأمريكي البالغ حاليًا 36.2 تريليون دولار على مدى السنوات العشر القادمة. يكرّس هذا القانون إعفاءات ضريبية دائمة منذ عام 2017 ويموّل جانبًا من حملة ترامب ضد الهجرة، مما دفع المستثمرين للاتجاه إلى الذهب كأداة تحوط ضد مخاطر العجز المالي وتراجع العملة الأمريكية.
تراجع الدولار وتأثيره على الذهب
في الوقت نفسه، واصل مؤشر الدولار الأمريكي الهبوط، متجهًا نحو تسجيل خسائر للأسبوع الثاني على التوالي، مما يجعل الذهب أكثر جاذبية لحائزي العملات الأخرى. على صعيد السياسات التجارية، أعلن الرئيس ترامب بدء إصدار خطابات رسمية للدول الكبرى بشأن فرض رسوم جمركية جديدة تتراوح بين 20% و30%، مما يمهّد لإنهاء التفاوض مع أكثر من 170 دولة والاكتفاء باتفاقيات محدودة مع المملكة المتحدة وفيتنام وتفاهم جزئي مع الصين. إذا التزم ترامب بالموعد النهائي المقرر في 9 يوليو، فمن المحتمل أن يتعرض الدولار لضغوط إضافية تدفع المستثمرين إلى الذهب كملاذ آمن.
في ظل هذه المعطيات، أعلن مجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية حول العالم أضافت صافي 20 طنًا إلى احتياطيات الذهب خلال مايو، رغم تباطؤ وتيرة الشراء مقارنة بالشهور السابقة. تصدّر بنك كازاخستان المركزي قائمة المشترين بإجمالي 7 أطنان، تلاه كل من تركيا وبولندا بمشتريات بلغت 6 أطنان لكل منهما، بينما سجلت سنغافورة مبيعات بلغت 5 أطنان.
محليًا، عاد الذهب للارتفاع خلال تداولات اليوم الجمعة، مدفوعًا بتحرك السعر العالمي، رغم استمرار الضغوط الناتجة عن تراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه. سجل الذهب عيار 21، الأكثر تداولًا في مصر، مستوى 4650 جنيهًا للجرام، بعد أن افتتحت تداولاته عند 4655 جنيهًا، مرتفعًا بنحو 5 جنيهات مقارنة بإغلاق أمس الذي سجل 4645 جنيهًا.
اقرأ كمان: سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم 3 يونيو 2025
كان الذهب المحلي قد تراجع أمس بنحو 30 جنيهًا متأثرًا بهبوط الذهب العالمي، إلا أن تحسّن سعر الأونصة صباح اليوم أعاد بعض الزخم إلى السوق المحلي. ورغم الاتجاه الصاعد، فإن استمرار تراجع الدولار في البنوك المصرية أمام الجنيه يلقي بظلاله على مكاسب الذهب المحلي، إذ يؤثر سلبًا على عملية تسعير الذهب ويحد من وتيرة الصعود. من جانب آخر، أشار صندوق النقد الدولي إلى عزمه إجراء المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج التمويل المصري خلال خريف هذا العام، مشيرًا في تقريره الأخير إلى تحسن المؤشرات الاقتصادية، خاصة فيما يتعلق بالتضخم واحتياطات النقد الأجنبي.
فنياً، تراجع الذهب العالمي أمس إلى مستوى 3325 دولارًا للأونصة، وهو مستوى تصحيحي يمثل 38.2% من موجة الصعود السابقة، قبل أن يرتد اليوم صعودًا من جديد، لكنه لا يزال دون مستوى المقاومة 3350 دولارًا. تظل الأنظار على الإغلاق الأسبوعي لتأكيد الاتجاه. محليًا، تماسك الذهب عيار 21 فوق مستوى 4650 جنيهًا، مدعومًا بعودة الصعود العالمي، لكن استمرار انخفاض الدولار يبقى عاملاً معيقًا لأي ارتفاعات كبيرة في السوق المحلي.
مع تصاعد المخاوف من ارتفاع الدين الأمريكي واحتمال فرض رسوم جمركية جديدة، يبقى الذهب مرشحًا لمزيد من الزخم كأداة تحوط في الأسواق العالمية، بينما يظل السوق المحلي رهينًا لتحركات العملة وسعر الأونصة في البورصات العالمية.