تُعد زيارة رئيس الوزراء الصيني إلى مصر فرصة استراتيجية هامة لإعادة هيكلة التبادل التجاري بين البلدين وتعزيز وسائل الدفع البديلة، خاصة استخدام اليوان الصيني، مما يقلل من الاعتماد على الدولار الأمريكي ويزيد من مرونة النظام المالي المصري. هذا التحول يعكس رغبة مصر في فتح قنوات مالية مباشرة مع الصين، عبر الاعتراف الرسمي باليوان كعملة للتبادل التجاري والتسويات المالية، وهو ما يمثل نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وبكين.
تأتي هذه الخطوة في ظل زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر والصين الذي تجاوز 17 مليار دولار، مما يجعل الصين الشريك التجاري الأول لمصر. ويدعم إدراج اليوان ضمن أدوات التسوية في التجارة الثنائية تسهيل الاستيراد وخفض تكاليف العمليات البنكية، كما يعزز قدرة البنك المركزي المصري على تنويع الاحتياطيات النقدية وتقليل المخاطر الناتجة عن تقلبات العملات الأجنبية.
ممكن يعجبك: قفزة غير متوقعة في التحول الرقمى بعد «30 يونيو» وبناء اقتصاد مستدام
محمد عبدالعال: تخفيف الضغط على الدولار من خلال التعامل بـ«اليوان»
أكد الخبير المصرفي محمد عبدالعال أن مصر أمام فرصة ذهبية لفتح قناة مالية مباشرة مع الصين عبر الاعتراف الرسمي باليوان كعملة تبادل تجاري وتسوية مالية، وهو ما يمثل تحولاً محورياً في العلاقات الاقتصادية الثنائية بين القاهرة وبكين. وأضاف أن إدراج اليوان ضمن سلة العملات العالمية المعتمدة في صندوق النقد الدولي (SDR) يمنحه سيولة مرتفعة في الأسواق الدولية، مما يسهم في تسهيل الاستيراد من الصين وخفض تكلفة العمليات البنكية.
دور اليوان في التجارة الثنائية
أشار عبدالعال إلى أن الصين هي الشريك التجاري الأول لمصر، مع حجم تبادل تجاري تجاوز 17 مليار دولار. ولهذا، فإن تفعيل منظومة مقايضة العملات أو فتح حسابات باليوان للبنوك المصرية في الصين يسرّع من سداد الواردات ويوفر العملات الأجنبية، مما يقلل الضغط على الدولار.
تعزيز البنية التحتية المصرفية
تابع عبدالعال أن مصر يمكن أن تستفيد من الصين كشريك استراتيجي في تحديث البنية التحتية المصرفية، من خلال نقل التجارب الصينية في مجال الدفع الرقمي والخدمات المصرفية الإلكترونية والذكاء الاصطناعي في التمويل. وشدد على أهمية تأسيس مكتب تمثيلي للبنك المركزي الصيني في القاهرة أو إنشاء فرع لبنك صيني حكومي كبير مثل «بنك الصين» أو ICBC لتسهيل المعاملات المالية وجذب الشركات الصينية للعمل داخل مصر في بيئة مالية مواتية.
كما أشار إلى ضرورة دمج التعامل باليوان ضمن استراتيجيات البنوك الحكومية والخاصة من خلال التدريب وتحديث الأنظمة والتنسيق مع الجهات الرقابية، لمواكبة المرحلة المقبلة من الشراكة الاقتصادية مع الصين، التي وصفها بأنها «شراكة ما بعد الدولار».
محمد سعد الدين: دعم تحول مصر إلى مركز للطاقة وتوفير آلاف فرص العمل
وصف الدكتور محمد سعد الدين، رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات وجمعية مستثمري الغاز المسال، الزيارة بأنها خطوة تاريخية في توطيد العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين، خاصة في قطاع الطاقة، مؤكدًا أن الزيارة تأتي في توقيت حاسم يتزامن مع سعي مصر لتحقيق تحول استراتيجي في قطاع الغاز الطبيعي المسال والطاقة النظيفة.
تطور العلاقات الاقتصادية والاستثمارية
أوضح سعد الدين أن حجم التبادل التجاري بين مصر والصين ارتفع إلى نحو 17 مليار دولار في عام 2024، محققًا نموًا بنسبة تقارب 6٪ مقارنة بعام 2023، بينما بلغ إجمالي الاستثمارات الصينية في مصر نحو 8 مليارات دولار حتى أكتوبر 2024، موزعة على أكثر من 2000 شركة في قطاعات التصنيع والبنية التحتية والطاقة.
مشاريع الطاقة المتجددة والتكنولوجيا
أشار إلى تنفيذ مشاريع كبرى مثل مزرعة رياح بقدرة 1,100 ميجاوات في منطقة خليج السويس، وتطوير مصنع سيارات تابع لشركة «جيلي» الصينية بالقرب من القاهرة بطاقة إنتاجية تصل إلى 30 ألف سيارة سنويًا. وأكد على أهمية نقل التكنولوجيا الصينية، خاصة في تحسين كفاءة التشغيل وتقليل الانبعاثات في محطات الغاز المسال، من خلال توقيع اتفاقيات وبرامج تدريب مشتركة مع جامعات ومراكز أبحاث صينية لإعداد جيل من الكوادر المصرية.
توقع سعد الدين أن هذه الاتفاقيات ستوفر فرص استثمارية وتخلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، مما يساهم في خفض معدلات البطالة ودعم المجتمعات المحلية، مع تعزيز دور مصر كمحور صناعي وتكنولوجي في مجال الغاز والطاقة المتجددة.
شوف كمان: تراجع خام برنت قرابة دولارين مع تأجيل القرار الأميركي بشأن إيران في السوق
محرم هلال: شراكات مرتقبة في الاتصالات وصناعة الأدوية
رأى الدكتور محرم هلال، رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، أن الزيارة تمثل فرصة ذهبية لوضع أسس تعاون بين مصر والصين يقوم على التكامل الاقتصادي والتكنولوجي، وليس مجرد التمويل التقليدي. وأكد أن التعاون المنتظر سيشمل صناعات التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والاتصالات وصناعة الأدوية، إضافة إلى اللوجستيات والمواصلات الذكية.
منتدى الأعمال والتسهيلات المالية
أوضح هلال أن هذا التعاون سيتم عبر منتدى أعمال رفيع المستوى يجمع كبار رجال الأعمال من الجانبين، مع جلسات حوارية حول فرص التصدير المشتركة والتوافق التقني وتبادل الخبرات الصناعية. كما توقع تقديم الصين تسهيلات مالية متنوعة تشمل قروضًا بشروط ميسرة تتيح الدفع باليوان الصيني، مما يدعم الشركات على الجانبين ويسهم في الاستقرار المالي وتفادي تقلبات العملات الأجنبية.
وليد جاب الله: الاستثمارات الصينية تعزز الاحتياطي النقدي
أكد الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، أن الزيارة تشكل ركيزة أساسية لتعزيز الاستقرار الكلي للاقتصاد المصري، مع سعي مصر لزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحقيق تنمية حقيقية. وأشار إلى نمو حجم الاستثمار الصيني في مصر بسرعة حتى وصل إلى نحو 8 مليارات دولار بنهاية 2024، مع وجود قطاعات استراتيجية مثل النظم المالية الذكية وتحليل البيانات الضخمة والمدن الذكية لم تُستغل إمكاناتها بالكامل.
أوضح جاب الله أن الزيارة ستركز على فتح آفاق جديدة لهذه المجالات من خلال بناء شراكات تخصصية، متوقعًا إعلان الحكومة خلال الزيارة عن تدابير تنفيذية مثل إنشاء مركز موحد لخدمة المستثمرين المصريين والصينيين، إضافة إلى مكتب تمثيل رسمي لليوان في القاهرة لتسهيل التحويلات والتعاملات المالية.
ونبه إلى أهمية هذه الخطوات في تخفيف الأعباء البيروقراطية ودعم الشركات الأجنبية من النواحي القانونية والمصرفية، مشيدًا بالقفزة المتوقعة في الموازنة العامة نتيجة ارتفاع الصادرات وتوطين الصناعات التكنولوجية. وخلص إلى أن الاستثمارات الصينية في مصر تعزز من احتياطيات النقد الأجنبي وتقلل فاتورة الاستيراد.