صدمة غير متوقعة، انخفض بأكثر من 10%، الدولار الأمريكي يسجل أسوأ أداء له منذ 1973

شهد الدولار الأمريكي أكبر تراجع له في نصف عام، وهو الأسوأ منذ أكثر من خمسين عامًا، ليبدأ عام 2025 بأسوأ أداء سنوي منذ عام 1973. يأتي هذا الانخفاض وسط تصاعد الشكوك بين المستثمرين وزيادة الغموض حول السياسات الاقتصادية الأمريكية، ما أثر بشكل ملحوظ على ثقة الأسواق في العملة الأمريكية.

يُعد هذا التراجع الحاد انعكاسًا لحالة الاضطراب التي يشهدها النظام النقدي العالمي، والتي تعود جذورها إلى انهيار نظام «بريتون وودز» المدعوم بالذهب قبل أكثر من خمسين عامًا. وتزامن هذا مع مخاوف متزايدة حول استقلالية الاحتياطي الفيدرالي وتأثير السياسات الاقتصادية الراهنة على الدولار.

انخفاض مؤشر الدولار

انخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية مثل اليورو والجنيه الإسترليني والين، بأكثر من 10% منذ بداية يناير، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة «فاينانشيال تايمز». يعكس هذا الانخفاض الحاد حالة عدم الاستقرار التي يعانيها الدولار وسط تحولات اقتصادية وسياسية داخل الولايات المتحدة وخارجها.

المخاوف حول استقلالية الاحتياطي الفيدرالي

وصف فرانشيسكو بيسولي، استراتيجي النقد الأجنبي في «آي إن جي جروب»، الدولار بأنه «الضحية المفضلة لسياسات ترامب 2.0 المتقلبة». وأشار إلى أن التردد في استراتيجيات التعريفات، والاحتياجات المتزايدة للاقتراض، إلى جانب تصاعد المخاوف حول استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، كلها عوامل أسهمت في تقليل جاذبية الدولار كملاذ آمن للمستثمرين.

مشروع قانون الضرائب الشامل

تراجع الدولار بنسبة 0.2% إضافية يوم الاثنين مع استعداد مجلس الشيوخ الأمريكي للتصويت على تعديلات مشروع قانون الضرائب الشامل الذي اقترحه الرئيس ترامب. من المتوقع أن يزيد هذا التشريع الدين العام الأمريكي بنحو 3.2 تريليون دولار خلال العقد المقبل، ما أثار مخاوف واسعة بشأن استدامة السياسة المالية، وأدى إلى موجة بيع في سوق السندات الحكومية.

يضع هذا الانخفاض الحاد الدولار على مسار أسوأ بداية سنوية منذ عام 1973، حين تراجع بنسبة 15%، وهو أيضًا أسوأ أداء نصف سنوي له منذ الأزمة المالية العالمية عام 2009. جاء هذا التراجع مخالفًا لتوقعات المحللين الذين توقعوا أن الحروب التجارية التي أطلقها ترامب ستلحق ضررًا أكبر باقتصادات الدول الأخرى مقارنة بالولايات المتحدة، وستدفع التضخم الأمريكي للارتفاع، عوامل عادة ما تدعم قوة الدولار.

على العكس من ذلك، أدت المخاوف المتزايدة حول النمو والاستقرار المالي والسياسي في الولايات المتحدة إلى تراجع الطلب على الدولار، وزيادة في الإقبال على أصول أكثر أمانًا مثل اليورو والسندات الألمانية. وارتفع اليورو بنسبة 13% منذ بداية 2025، متجاوزًا مستوى 1.17 دولار، متفوقًا على توقعات مؤسسات «وول ستريت» التي رجحت تراجع العملة الأوروبية إلى مستوى تعادل الدولار.

يركز المستثمرون بشكل متزايد على المخاطر السلبية التي تواجه الاقتصاد الأمريكي، مما عزز الطلب على بدائل أكثر أمانًا في الأسواق العالمية.