قفزة غير متوقعة في اقتصاد جمهورية 30 يونيو تنطلق نحو مستقبل مزدهر رغم الأزمات العالمية

منذ اندلاع ثورة 30 يونيو 2013، شهدت مصر تحولًا جذريًا في مسارها السياسي والاقتصادي، حيث دخلت مرحلة جديدة تهدف إلى استعادة الاستقرار وإعادة بناء الاقتصاد بعد سنوات من الاضطرابات والانهيار الاقتصادي. شهدت تلك الفترة تراجعًا حادًا في الاحتياطي النقدي، تباطؤًا في الإنتاج، وتدهورًا في الخدمات الأساسية، مما استدعى تدخلًا عاجلًا لوضع الاقتصاد على طريق الإصلاح والتنمية المستدامة.

في ظل هذه الظروف، أطلقت الدولة المصرية خطة طموحة لإعادة هيكلة الاقتصاد تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي. ركزت الخطة على تعزيز التنافسية وجذب الاستثمارات الأجنبية من خلال تنفيذ إصلاحات هيكلية وسياسات مالية محفزة، بالإضافة إلى دعم التحول الرقمي، وذلك في إطار برنامج إصلاح اقتصادي بدأ تنفيذه في عام 2016.

برنامج الإصلاح الاقتصادي وخطواته الأساسية

تضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي مجموعة من الإجراءات الحاسمة، حيث ركزت المرحلة الأولى على ضبط المالية العامة والسيطرة على عجز الموازنة. من بين القرارات المصيرية التي تم اتخاذها كان تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر 2016، بالإضافة إلى إعادة هيكلة منظومة الدعم، خاصة دعم الطاقة.

تحفيز الاستثمار وتطوير المشروعات القومية

حرصت الدولة على جذب الاستثمارات الأجنبية عبر إصدار قانون استثمار موحد، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية، وتوفير بيئة تشريعية مستقرة وجاذبة لرؤوس الأموال. كما شهدت مصر إطلاق عدد من المشروعات القومية الكبرى، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، وتطوير شبكات الطرق والمواصلات، ومشروعات الطاقة المتجددة، وتحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة. بالإضافة إلى ذلك، تم التركيز على تنمية محافظات الصعيد وإنشاء مدن جديدة وتوسيع الرقعة الزراعية ضمن رؤية متكاملة للتنمية الإقليمية.

تعميق دور القطاع الخاص وتقليل تدخل الدولة

في ظل الضغوط الاقتصادية الخارجية، اتجهت مصر إلى تعزيز دور القطاع الخاص وتقليص تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية من خلال وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي تهدف إلى إفساح المجال أمام الاستثمار الخاص في مختلف القطاعات. يساهم هذا التوجه في زيادة الإنتاجية ورفع كفاءة التشغيل، ودعم التصنيع المحلي، وتقليل الاعتماد على الواردات، مع التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية.

تزامنًا مع هذه الإصلاحات، أطلقت الحكومة برامج حماية اجتماعية لتخفيف آثار الإصلاح على الفئات الأكثر احتياجًا، مثل برنامج «تكافل وكرامة» والتوسع في دعم السلع التموينية، بالإضافة إلى توفير التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

من جانبه، أوضح الدكتور عبد المنعم السيد، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن مصر شرعت منذ 30 يونيو في تنفيذ رؤية اقتصادية شاملة بتوجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي وضع ملف الإصلاح الاقتصادي على رأس أولويات الدولة، مؤكدًا أهمية تحقيق الاستقرار والنمو الشامل.

وأضاف السيد أن الرئيس كان حريصًا على أن يصاحب الإصلاح الاقتصادي حماية اجتماعية واسعة، من خلال التوسع في برامج دعم محدودي الدخل، مما يعكس التوازن بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي، داعيًا إلى استمرار الاستثمار في الإنسان باعتباره الركيزة الحقيقية لأي تنمية مستدامة.

وأشار إلى أن المشروعات القومية الكبرى في مجالات البنية التحتية والطاقة والنقل والزراعة لعبت دورًا رئيسيًا في خلق فرص العمل وتحفيز النشاط الاقتصادي، مع تطوير المناطق الأكثر احتياجًا. وأكد على التوجه المستمر لتعميق التصنيع المحلي وخفض الاعتماد على الواردات عبر دعم الصناعات الوطنية، وتسهيل التمويل والتراخيص، وربط الحوافز بنسبة المكون المحلي، حسب توجيهات القيادة السياسية.

وأكد الدكتور عبد المنعم السيد أن الاقتصاد المصري أثبت صلابته في مواجهة الأزمات العالمية مثل جائحة كورونا والحرب الروسية-الأوكرانية، محققًا نموًا إيجابيًا مقارنة بالعديد من الدول، ومسيطرًا على معدلات البطالة، ومحرزًا تقدمًا في مجالات الصحة والتعليم والتحول الرقمي.

ولفت إلى أن من التحديات الراهنة ارتفاع فاتورة الاستيراد، الأمر الذي يتطلب تعميق التصنيع المحلي وتشجيع التصدير، من خلال دعم الصناعات الوطنية وربط الحوافز الحكومية بزيادة نسب المكون المحلي، إلى جانب تيسير إجراءات التراخيص وتوفير التمويل الميسر للمصانع الصغيرة والمتوسطة.

كما أشار إلى أن تعزيز دور القطاع الخاص وطرح عدد من الشركات الحكومية في البورصة يمثلان خطوات مهمة نحو اقتصاد أكثر تنافسية، وأن وثيقة سياسة ملكية الدولة توفر إطارًا واضحًا لتحديد دور الحكومة في النشاط الاقتصادي وإتاحة المجال للمستثمرين.

وفي ختام حديثه، شدد الدكتور عبد المنعم السيد على ضرورة الاستمرار في تنفيذ خطة اقتصادية متكاملة تحقق التوازن بين الإصلاح المالي والاستثمار في التنمية البشرية، مع التركيز في المرحلة المقبلة على تحفيز الإنتاج، خفض معدلات التضخم، وتحقيق استقرار سعر الصرف، لضمان نمو اقتصادي شامل ومستدام يعود بالنفع على جميع فئات المجتمع.