ثورة يونيو واكتشافات ومعارض دولية وإنجازات متنوعة في مجال الآثار

في ذكرى ثورة 30 يونيو، شهدت وزارة السياحة والآثار نشاطًا مكثفًا خلال السنوات الماضية، مما يعكس اهتمام القيادة السياسية الكبير بهذا القطاع الحيوي. وقد حققت الوزارة العديد من الاكتشافات الأثرية المهمة، بالإضافة إلى مشروعات تطوير شاملة للمواقع والمتاحف، فضلاً عن جهود لاسترداد الآثار المهربة وتعزيز الوعي المجتمعي بالتراث الوطني.

تتجلى أهمية هذه الأنشطة في تعزيز الهوية الثقافية لمصر، حيث تلعب السياحة والآثار دورًا محوريًا في جذب الزوار من جميع أنحاء العالم. من خلال الاكتشافات الجديدة والتحديثات في البنية التحتية، تسعى الوزارة إلى تقديم تجربة فريدة للزوار وتعزيز مكانة مصر كوجهة سياحية رائدة.

اكتشافات تعيد رسم خريطة التاريخ

شهد مجال التنقيب الأثري إنجازات بارزة، أبرزها اكتشاف ثلاث مقابر فرعونية جديدة في منطقة دير أبو النجا بالأقصر، تعود لعصور الدولة الحديثة. من بين هذه المقابر، تبرز مقبرة الكاهن “أمون-إم-إيبِت” ومقبرة “بكي”، مما يدل على غنى المنطقة بالمدافن الملكية والإدارية. كما تم الإعلان عن اكتشاف استثنائي يُعد الأول من نوعه منذ قرن، يتمثل في مقبرة يُحتمل أن تكون للملك تحتمس الثاني من الأسرة الثامنة عشر، مما يعيد الأنظار مجددًا إلى وادي الملوك. وفي الكرنك، أسفرت أعمال الحفائر عن العثور على مجموعة من الخواتم الذهبية من الأسرة السادسة والعشرين، في إطار تعاون مصري – فرنسي. كما كشفت بعثة مشتركة في شمال دلتا النيل عن بقايا مدينة أثرية ومعبد للإلهة “وذجت”، يعودان للعصور الفرعونية المبكرة.

المتحف المصري الكبير

استمر العمل في مشروع المتحف المصري الكبير، حيث تم تشغيل 12 قاعة جديدة أمام الزوار ضمن المرحلة التجريبية. وقد فاز المشروع بجائزة “فيرساي” كأحد أجمل سبعة متاحف افتُتحت حديثًا عالميًا، كما نال جائزة (FIDIC) العالمية نظير اتباعه أعلى معايير الإنشاءات. من المقرر افتتاح القاعات الكبرى، بما فيها قاعة الملك توت عنخ آمون، في الربع الأخير من عام 2025. وكان من المقرر أن يتم افتتاح المتحف في 3 يوليو المقبل، لكن التطورات الإقليمية أدت إلى تأجيل الافتتاح إلى الربع الأخير من العام الجاري.

حماية الآثار وتطوير البنية التحتية

عملت الوزارة على تحديث وتطوير عشرات المواقع الأثرية، بما يشمل تفعيل المسارات المخصصة لذوي الإعاقة، وتثبيت شاشات إرشاد وكاميرات مراقبة، بالإضافة إلى تركيب لافتات بلغة برايل واللغة الصينية. من بين المواقع التي شملتها أعمال التحديث: أهرامات الجيزة، معبد كوم أمبو، متحف التحرير، وقلعة قايتباي. في إطار التحول الرقمي، تم تفعيل منظومة الدفع الإلكتروني للتذاكر في أكثر من 107 مواقع أثرية ومتاحف، بنسبة استخدام تجاوزت الـ 99%.

على صعيد مكافحة تهريب الآثار، أعلنت الوزارة عن إحباط تهريب 357 قطعة أثرية واستعادة 60 قطعة من المملكة المتحدة، بالإضافة إلى استرجاع رأس تمثال رمسيس الثاني من سويسرا. كما تم توقيع اتفاقيات مع جهات دولية مثل الوكالة الأمريكية للتنمية (USAID) والمركز الأمريكي للأبحاث (ARCE)، لتوثيق القطع وعمل نظام معلوماتي متقدم للمتحف المصري بالتحرير.

أطلقت الوزارة عدة حملات مجتمعية لنشر الوعي الأثري في المدارس والجامعات تحت شعار “بداية جديدة لبناء الإنسان”، وشهدت المتاحف تنظيم ورش عمل وندوات تثقيفية. كما احتضن متحف الحضارة فعاليات مشروع “شجر الدر” الفني لتعزيز التواصل الثقافي.

بهذا الزخم من الإنجازات، رسّخت وزارة السياحة والآثار موقعها كأحد أكثر القطاعات الحكومية ديناميكية في التعامل مع التراث، سواء من حيث الحماية، العرض، أو التفاعل المجتمعي والدولي. وتبدو المؤشرات إيجابية لمزيد من المكتشفات والافتتاحات خلال العام المقبل، في ظل استراتيجية واضحة تعيد تقديم الحضارة المصرية للعالم بأسلوب حديث يحترم الأصول ويواكب التطورات.

برز المعرض المؤقت “رمسيس وذهب الفراعنة” كأحد أبرز أدوات التسويق الثقافي، حيث جاب 6 محطات عالمية بدءًا من هيوستن (2021)، ثم سان فرانسيسكو (2022)، باريس (2023)، سيدني (2023)، كولون بألمانيا (من يوليو 2024 حتى يناير 2025)، ووصل محطة جديدة في طوكيو في مارس الماضي، ويستمر بها حتى سبتمبر القادم. يضم المعرض 180 قطعة أثرية، منها تابوت رمزي للملك رمسيس الثاني من المتحف القومي للحضارة، ومجموعة نادرة من تماثيل وحلي تعكس مراحل من الدولة الوسطى حتى المتأخرة. وقد حقق المعرض إقبالًا واسعًا في كل محطاته وحقق عائدات إجمالية تقارب الـ 15 مليون دولار عبر الرحلة بأمريكا وأوروبا.