شهد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر تحولًا جذريًا من كونه مجرد مقدم لخدمات الاتصالات والإنترنت إلى أحد القطاعات الإنتاجية الحيوية التي تسهم بشكل فعال في تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة. جاء هذا التطور نتيجة تنفيذ استراتيجية متكاملة تهدف إلى بناء مصر الرقمية كمجتمع متكامل يعزز مكانة الدولة على خريطة صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات العالمية.
وقد تجلت هذه الجهود في مشروعات متعددة ومتكاملة، بدءًا من تطوير البنية التحتية الرقمية وحوكمة القطاع، مرورًا برقمنة الخدمات الحكومية، وانتهاءً بجهود بناء القدرات الرقمية وتحفيز الابتكار وريادة الأعمال، بالإضافة إلى توطين صناعة الإلكترونيات وتعزيز مكانة مصر كمركز عالمي لتقديم خدمات التعهيد والخدمات العابرة للحدود.
مقال له علاقة: «الأخضر يشتعل» تعرف على أسعار الدولار والعملات الأجنبية اليوم الثلاثاء 24 – 6 – 2025
البنية الرقمية المحلية والدولية
في إطار جهود وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتقديم خدمات اتصالات عالية الجودة من خلال بنية رقمية مؤمنة، تم تنفيذ عدد من المشاريع لتطوير البنية الرقمية على المستويين المحلي والدولي، حيث شملت هذه المشاريع تحسين خدمات المحمول وتطوير الإنترنت الثابت، بالإضافة إلى تحديث الأطر التنظيمية وآليات تحسين الجودة.
تحسين خدمات المحمول
شهد سوق خدمات المحمول نموًا سريعًا، حيث بلغت الاشتراكات 120 مليون في عام 2024، وزادت معدلات استخدام الإنترنت المحمول بنسبة تجاوزت 10% خلال عام واحد فقط، مقارنة بالمعدل العالمي الذي بلغ حوالي 2.5%. لتعزيز جودة خدمات الإنترنت المحمول، تم إطلاق خدمات الجيل الرابع في 2016، تلاها إطلاق خدمات الجيل الخامس في 2025، بعد منح تراخيص لشركات الاتصالات بقيمة إجمالية بلغت 675 مليون دولار.
تطوير الإنترنت الثابت
نفذت الشركة المصرية للاتصالات خطة متكاملة باستثمارات 3 مليارات دولار منذ 2018 لتحديث البنية التحتية للاتصالات في جميع أنحاء الجمهورية باستخدام أحدث تقنيات الألياف الضوئية. وأسفرت هذه الجهود عن زيادة متوسط سرعة الإنترنت الثابت أكثر من 16 مرة خلال سبع سنوات ليصل إلى 85.64 ميجابت/ثانية في أبريل 2025، مقارنة بـ5.3 ميجابت/ثانية في ديسمبر 2017.
كما تم ربط حوالي 20 ألف مبنى حكومي من إجمالي 31.5 ألف مبنى بشبكة الألياف الضوئية لضمان استقرار الخدمة حتى في حالة انقطاع الإنترنت، مع استمرار العمل على استكمال الربط لباقي المباني. بالإضافة إلى ذلك، تم توفير بنية تحتية لشبكات الاتصالات لتقديم خدمات الإنترنت فائق السرعة باستخدام تقنية الألياف الضوئية لـ2563 مدرسة تعليم ثانوي في جميع محافظات مصر.
الأطر والقواعد التنظيمية
أصدرت الجهات المعنية قواعد تنظيمية لشركات مقدمي خدمات الاتصالات لضمان تقديم خدمات المكالمات الترويجية والتجارية بطريقة قانونية تحترم خصوصية المواطنين وتحد من الإزعاج. كما تم وضع إطار تنظيمي لطرح تراخيص جديدة لإنشاء وتأجير أبراج الاتصالات اللاسلكية بهدف توسيع التغطية وتحسين جودة الخدمات من خلال زيادة عدد الأبراج.
بالإضافة إلى ذلك، تم إصدار الإطار التنظيمي لخدمات إنترنت الأشياء في مصر، والذي يمثل ركيزة أساسية للثورة الصناعية الرابعة، حيث يمكّن من تشغيل منظومات المدن الذكية وخدماتها الرقمية.
اقرأ كمان: اشتعال الأسواق: كيف يتأثر الدولار الأمريكي بالأحداث الجيوسياسية؟
آليات ضمان تحسين الجودة
تم إنشاء المركز القومي لمراقبة جودة خدمات الاتصالات لقياس جودة خدمات الصوت والإنترنت المحمول بشكل دوري وفقًا للمعايير العالمية. كما تم تطبيق آليات جديدة لفرض الجزاءات على الشركات التي لا تلتزم بمعايير الجودة، حيث تلزم هذه الشركات بتحسين التغطية وجودة الخدمات في المناطق المحددة من قبل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، بدلاً من دفع الغرامات المالية فقط.
علاوة على ذلك، أطلقت الوزارة العديد من المبادرات لرفع مستوى رضا المستخدمين، مثل تقديم مزايا عند دفع المصروفات الدراسية عبر المحافظ الإلكترونية، وتشجيع العملاء على تفعيل واستخدام المحافظ لتجنب إغلاقها، إلى جانب مبادرات تستهدف كبار السن لتسجيلهم واستخدام المحافظ الإلكترونية.