في إطار فعاليات المؤتمر الدولي السنوي لمعهد التخطيط القومي تحت عنوان “الابتكار والتنمية المستدامة”، ألقى د. محمد فريد كلمة سلط فيها الضوء على الدور الحيوي للتكنولوجيا المالية في تعزيز الشمول المالي وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. أكد د. فريد أن الهدف الأساسي من القرارات والتشريعات التي تصدرها الهيئة هو تمكين أكبر عدد ممكن من العملاء في قطاعات التمويل وسوق رأس المال والتأمين، بما يسهم في توسيع قاعدة الخدمات المالية غير المصرفية وتسهيل الوصول إليها.
وأشار إلى أن التكنولوجيا المالية تمثل أداة فعالة لتحقيق أهداف الادخار والاستثمار التراكمي طويل الأجل، مما يسهم في بناء طبقة متوسطة ميسورة الحال على المدى البعيد. كما أوضح أن تحليل الهيئة أظهر وجود تحديات تتعلق بالثقافة المالية والحواجز التكنولوجية التي تعيق وصول المستفيدين إلى الخدمات المالية، مما استدعى ضرورة رقمنة العمليات المالية وتوفير بنية تحتية إلكترونية متطورة وآمنة تضمن استمرارية الخدمة حتى في حالات زيادة أعداد المستخدمين المفاجئة.
مواضيع مشابهة: أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 28 مايو
دور التكنولوجيا المالية في تعزيز الشمول المالي
أكد د. فريد اهتمام الهيئة بتطبيق منظومة متكاملة ترتكز على ثلاثة مكونات رئيسية: التحقق الإلكتروني من الهوية، العقود الرقمية، وربط بيانات الهوية برقم الهاتف المحمول. هذه الخطوة كانت بمثابة نقطة انطلاق لحدوث طفرة في السوق، حيث سجلت الهيئة أكثر من 200 ألف حساب جديد في صناديق الاستثمار في الذهب خلال عام واحد، وتجاوزت الاستثمارات فيها 2 مليار جنيه، رغم أن هذه الصناديق لم تكن منتجًا مألوفًا للسوق.
زيادة عدد المستثمرين وتوسع سوق المال
كما شهد السوق ارتفاعًا ملحوظًا في عدد المستثمرين الجدد، حيث ارتفع العدد من 25 ألف مستثمر سنويًا إلى أكثر من 350 ألف مستثمر في عام 2022، و270 ألفًا في 2023، أي بمعدل يزيد عشرة أضعاف عن المعتاد. بالإضافة إلى ذلك، ارتفع رأس المال السوقي للشركات المقيدة في البورصة المصرية من حوالي 400 مليار جنيه في أغسطس 2022 إلى 2.4 تريليون جنيه حاليًا.
تعزيز الأطر التشريعية والتنظيمية
تعمل الهيئة على استكمال الأطر التشريعية والتنظيمية التي تحفز الاستثمار في مجالات التمويل التشاركي وصناديق الاستثمار العقاري والمشتقات المالية. ففي التمويل التشاركي، تم تطوير نموذج مرن يتناسب مع الأدوات المالية الحديثة، وتُعد الهيئة لإصدار قواعد تنظم عمل المنصات الرقمية للاستثمار في صناديق الاستثمار العقاري، حيث ستبدأ بإصدار التنظيم الخاص بهذه الصناديق. أما في سوق المشتقات، فتعمل الهيئة على إعداد تشريع جديد يُعرف بقانون “التقاص على أساس الصافي” لتحديد آلية تسوية العقود في حالات الإفلاس، ما يتيح للمؤسسات المالية دخول السوق بضمانات واضحة وآليات قانونية دقيقة.
مواضيع مشابهة: أسعار الذهب اليوم الاثنين 9 يونيو 2025 بالصاغة وعيار 21 مع المصنعية
وأكد د. فريد أن التكنولوجيا المالية ليست هدفًا بحد ذاتها، بل هي وسيلة لرفع معدلات الادخار وزيادة الاستثمار داخليًا، مما يعزز تمويل الاقتصاد دون الاعتماد الكامل على التمويل الأجنبي، وبالتالي بناء اقتصاد متماسك يرتكز على طبقة متوسطة قوية.
في سياق متصل، شارك د. إسلام عزام، نائب رئيس هيئة الرقابة المالية، في جلسة حوارية حول “ابتكارات التكنولوجيا المالية والتنمية المُستدامة”، حيث استعرض جهود الهيئة في تطوير استخدام التكنولوجيا المالية من خلال إصدار عدة قرارات وتنظيمات هامة. بدءًا من إصدار القانون رقم 5 لسنة 2022 لتنظيم استخدام التكنولوجيا المالية في الأنشطة المالية غير المصرفية، مرورًا بقرارات تنظم شروط التأسيس والترخيص، التجهيزات التكنولوجية، الهوية الرقمية، العقود الرقمية، وسجلات التعهيد في مجالات التكنولوجيا المالية.
كما أبرز د. إسلام القرار رقم 30 لسنة 2025 الذي ألزم شركات التأمين والجهات المرخصة بالاستعلام عن صحة بيانات عملائها وربطها بمنظومة الربط الإلكتروني للهيئة، بهدف تطوير المعاملات وتسهيل إصدار وثائق التأمين عن بُعد.
ومن أجل دعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، أشار إلى إصدار القرار رقم 268 لسنة 2023 الذي وضع قواعد وإجراءات تأسيس وترخيص هذه الشركات، مع تحديد شروط رأس المال والملكية الفنية، إضافة إلى تدشين المختبر التنظيمي للتطبيقات التكنولوجية، والذي يتيح اختبار الخدمات المالية المبتكرة ويعزز الابتكار داخل القطاع المالي غير المصرفي.
بدورها، أشادت الدكتورة هالة السعيد، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الاقتصادية ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية السابقة، بنمو قطاع التكنولوجيا المالية الذي جذب أكبر حجم من الاستثمارات خلال السنوات الخمس الماضية، مشيرة إلى زيادة عدد الشركات في القطاع بنسبة تزيد على خمسة أضعاف وارتفاع معدلات الشمول المالي إلى نحو 75% لمن هم فوق 15 سنة.
وأكدت السعيد الأثر الإيجابي للتكنولوجيا المالية في دعم التنمية المستدامة من خلال تبسيط المعاملات المالية وزيادة الشمول المالي، لكنها أشارت في الوقت ذاته إلى التحديات القائمة مثل الفجوة الرقمية بين المناطق الجغرافية وبين الجنسين، وقضايا الأمن السيبراني، والحاجة إلى استثمارات كبيرة في تخزين ومعالجة البيانات، فضلاً عن أهمية حوكمة منظومة التكنولوجيا المالية لضمان استدامتها وفعاليتها.