نجحت وزارة المالية في العودة إلى الأسواق الدولية واستئناف خطة الإصدارات الدولية من الصكوك السيادية، حيث طرحت الإصدار الثاني من الصكوك السيادية المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، بقيمة مليار دولار، على هيئة طرح خاص خلال العام المالي 2024-2025.
تأتي هذه الخطوة في توقيت بالغ الدقة، وسط تصاعد التوترات والنزاعات الجيوسياسية في المنطقة، وما يترتب عليها من تداعيات سلبية طالت مختلف الأسواق العالمية ورفعت منسوب المخاطر وعدم اليقين.
شوف كمان: أوبك+ تسعى لتطوير آلية جديدة لتقييم الطاقة الإنتاجية القصوى لعام 2027
تعزيز الثقة بالاقتصاد الوطني
ورغم هذه التحديات الإقليمية والدولية، تمكنت مصر من تنفيذ هذا الطرح بنجاح نتيجة للتحسن الكبير والملموس في الأوضاع الاقتصادية، وتحسن معظم المؤشرات المالية والاقتصادية. وهذا يعكس جدية الدولة في مواصلة الإصلاح، وتحقيق التوازن المالي، وتعزيز الثقة بالاقتصاد الوطني على الصعيدين المحلي والدولي.
جاء الإصدار الثاني من الصكوك السيادية بكوبون سنوي يبلغ 7.875% ولأجل ثلاث سنوات، وذلك في إطار استراتيجية وزارة المالية الرامية إلى تنويع أدوات التمويل، وتوسيع قاعدة المستثمرين، والانفتاح على أسواق جديدة.
الوصول إلى الأسواق العالمية
يعد هذا الطرح دليلًا جديدًا على قدرة الحكومة المصرية على الوصول إلى الأسواق العالمية، وتحقيق المستهدفات المالية في ظل الأوضاع المتغيرة، فضلًا عن سعيها لتحقيق أفضل الشروط التمويلية الممكنة من حيث الأسعار والآجال.
ويأتي هذا الإصدار استكمالًا لمسيرة وزارة المالية في مجال الصكوك السيادية، حيث سبقه الإصدار الأول في فبراير 2023، ضمن البرنامج الدولي للصكوك السيادية الذي يبلغ حجمه الإجمالي نحو 5 مليارات دولار.
تنويع أدوات الدين
يعتبر هذا الإصدار خطوة جديدة نحو تنويع أدوات الدين، وتوسيع قاعدة المستثمرين، وإطالة عمر الدين، والحد من تكلفته، خاصةً فيما يتعلق بالدين الخارجي.
شوف كمان: زيادة عدد عملاء التمويل العقاري في مصر بنسبة 60%
يذكر أن الطرح الخاص للإصدار الثاني تم بالكامل من خلال استثمار بيت التمويل الكويتي، أحد أكبر البنوك الإسلامية في العالم، مما يعكس عمق العلاقات الاقتصادية والشراكات الاستراتيجية بين مصر والكويت، ويعزز من آفاق التعاون في مجالات التمويل والاستثمار الإسلامي خلال المرحلة المقبلة.
وفي هذا السياق، أكدت وزارة المالية أن هذا الإصدار يأتي تنفيذًا لما تم الإعلان عنه سابقًا من مستهدفات تتعلق بخفض حجم الدين الخارجي لأجهزة الموازنة العامة، بقيمة تتراوح بين مليار إلى ملياري دولار خلال العام الجاري.
وأشارت إلى أن المؤشرات الأولية تعكس القدرة الحقيقية على تحقيق هذا المستهدف، في ضوء التحسن الاقتصادي وخطط التمويل المتنوعة التي يتم تنفيذها بدقة.
كم تبلغ ديون مصر؟
كشف البنك المركزي عن سداد مصر فوائد وأقساط ديون خارجية بقيمة 13.354 مليار دولار خلال الفترة من سبتمبر وحتى ديسمبر 2024.
وأضاف البنك المركزي في تقريره الشهري أن أعباء خدمة الدين تنقسم إلى 1.861 مليار دولار فوائد مدفوعة، و11.492 مليار دولار أقساط مسددة.
وسجل الدين الخارجي لمصر 155.093 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2024 مقابل 152.88 مليار دولار بنهاية يونيو 2024.
وسجلت نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 42.9% بنهاية النصف الأول من 2024/2025 ونحو 38.8% بنهاية يونيو 2024.
توقعات حجم ديون مصر
من المتوقع وصول الدين العام إلى 14.6 تريليون جنيه بنسبة 85% من الناتج المحلي، ونموه إلى 16.5 تريليون جنيه خلال العام المالي المقبل مع تراجع حصته من الناتج المحلي الإجمالي إلى 81.1%. تلتهم الأقساط وفوائد الدين خلال العام المالي المقبل نحو 50% من إجمالي المصروفات في الموازنة المقبلة التي تقدر بنحو 4.6 تريليون جنيه، إذ أن 2.3 تريليون جنيه تقريبًا تذهب لسداد الديون.
أحد الأدوات التي تعمل عليها وزارة المالية المصرية لخفض الدين العام هي إصدار الصكوك السيادية، والتي تعني “أوراق مالية حكومية اسمية متساوية القيمة وقابلة للتداول تصدر لمدة محددة لا تجاوز 30 عامًا وتمثل حصصًا شائعة في حقوق منفعة الأصول وفقًا لما تحدده نشرة الإصدار، وفقًا للقانون رقم 138 لسنة 2021 “قانون الصكوك السيادية”.
قد تكون الأصول أموالاً ثابتة أو منقولة ملكًا للدولة أو حق انتفاع واستغلال للأصول، وهذه الصكوك تصدرها شركة مساهمة مصرية مملوكة بالكامل للجهة المصدرة وهي ذات غرض وحيد هو إصدار الصكوك السيادية.
صكوك وسندات حكومية لسداد الديون
في هذا الإطار، تعتزم مصر إصدار صكوك بمليار دولار لصالح الكويت، حيث أكد أحد المسؤولين، في تصريحات لبلومبرج، أن مصر انتهت بالفعل من أغلب الترتيبات الفنية والإجرائية الخاصة بهذا الطرح الخاص. وأوضح: “الصكوك سيتم إصدارها لأجل ثلاث سنوات بعائد نصف سنوي”.
كانت مصر قد أصدرت أول صكوك سيادية في تاريخها عام 2023 بقيمة 1.5 مليار دولار، وجذبت طلبات بقيمة 6.1 مليار دولار، أي بمعدل تجاوز أربعة أضعاف.