غزة تواجه كارثة إنسانية تتجاوز حدود الحياة لتطال الموتى. تعيق أزمة حادة دفن الشهداء بسبب النقص الشديد في مواد البناء وتدمير الاحتلال الإسرائيلي للمقابر، مما يجبر الأهالي على انتظار طويل لإيجاد مكان لائق لدفن أحبائهم. إنه وضع مأساوي بكل المقاييس.
المشهد مروع، حيث تصطف عشرات العائلات أمام المقابر بحثًا عن قبر شاغر أو استعدادًا لتهيئة قبر جديد، بينما تتراكم الجثث على الأرض في انتظار أن تجد مثواها الأخير.
شوف كمان: السعودية تطلب من المواطنين والمقيمين استخدام المكيفات بهذه الطريقة بدءًا من اليوم وتحذر المخالفين
شهادات من قلب المأساة
نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن عمر أبو دقة قوله: “صُدمت عندما وصلنا إلى المقبرة بعد انتهاء علاجنا في المستشفى، وجدنا عشرات الجثث تنتظر الدفن دون تجهيز قبور.” وأكد أن هذا الانتظار المهين للشهداء يعكس حجم الكارثة التي تعيشها غزة.
روى محمد أبو النجا تجربته المريرة: “جئنا لدفن فتاة من العائلة وفوجئنا بأعداد كبيرة من الجثث والمواطنين ينتظرون قبورًا لم تُجهز بعد بسبب نقص مواد البناء.” وأضاف أن استهداف الاحتلال للمسعفين في خانيونس ورفح، وتكدس الجثث في ثلاجات الموتى، زاد من حدة الأزمة. وأوضح أبو النجا أن المشكلة لا تقتصر على القبور، بل تمتد إلى نقص الأكفان، حيث لم يعد هناك ما يكفي من القماش الأبيض، مما اضطر الناس إلى استخدام الأكياس البلاستيكية المخصصة لنقل الجثث. إنه وضع لا يُحتمل.
عبد الكريم أبو عمر أفاد بأن شقيقه توفي أثناء توزيع المساعدات في رفح، وعند محاولة دفنه في المقبرة التركية، لم يتم العثور على قبر جاهز. وبسبب طول الانتظار ونقص القبور، اضطروا لفتح قبر أحد أقاربه لدفنه. يا لها من مأساة.
جهود المتطوعين في ظل الظروف القاسية
المتطوع أسعد أبو صقر ذكر أنهم اضطروا لجمع حجارة المنازل المدمرة لتجهيز القبور، واستخدموا الطين بدلًا من الإسمنت، الذي لم يُستخدم في قطاع غزة منذ عامين، مما يعرض القبور لخطر الانهيار في أي لحظة. كما أنها مغطاة بصفائح معدنية معرضة للتآكل بفعل العوامل الجوية.
أوضح أبو صقر أن معظم المقابر تقع في مناطق خطرة، وأن قوات الاحتلال تجبر المواطنين على إخلائها، مما يجعل عملية الدفن نفسها محفوفة بالمخاطر.
محاولات للتخفيف من الأزمة
في محاولة لتخفيف الأزمة، تم تخصيص أرض مجاورة للمخيم الجزائري في منطقة مواصي خان يونس لبناء حوالي ألف قبر. وقد هاجمت قوات الاحتلال في السابق أكثر من 40 مقبرة من أصل 60 مقبرة في قطاع غزة، ودمرت 22 منها بالكامل، وألحقت أضرارًا بالغة بـ 18 أخرى، ونبشت ونهبت جثامين أكثر من 2300 شهيد.
اقرأ كمان: ذبح أكثر من 28 ألف أضحية مجانًا في المجازر الحكومية خلال عيد الأضحى
هذه الظروف المأساوية دفعت المواطنين إلى دفن الشهداء في مقابر جماعية في ساحات المستشفيات والمدارس والحدائق وحتى في الشوارع والطرقات. إنها كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.