الشيخ محمد صديق المنشاوي
في 20 يونيو من عام 1969، فقدت الأمة الإسلامية أحد أعذب وأصدق الأصوات القرآنية في تاريخ التلاوة الحديث، الشيخ محمد صديق المنشاوي، الذي أضفى صوته روحانية على القلوب وأبكت المآذن.
نشأته
وُلِد الشيخ محمد صديق المنشاوي في 20 يناير 1920، في قرية المنشأة بمحافظة سوهاج، في صعيد مصر. نشأ في عائلة تعشق القرآن، حيث كان والده الشيخ صديق المنشاوي، أحد أعلام التلاوة، وشقيقه الشيخ محمود صديق المنشاوي، مما جعلهم يشكلون واحدة من أعظم العائلات القرآنية في العصر الحديث.
من نفس التصنيف: عقوبة مفاجئة تصل 500 ألف دينار على السيارات في العراق
بدايات المسيرة القرآنية
بدأت مسيرته القرآنية مبكرًا، حيث انضم إلى كُتّاب القرية في سن الرابعة، وتمكّن من ختم حفظ القرآن الكريم في سن الثامنة. انتقل بعد ذلك إلى القاهرة برفقة عمه الشيخ أحمد السيد، ليكتسب علوم التجويد وأصول التلاوة على يد كبار المشايخ، حتى بدأ صيته يذيع بين المساجد والمجالس.
تميزه في التلاوة
تميز صوته بعذوبة نادرة وإحساس عميق، مما جعل قلوب الناس تتعلق بتلاواته، فلقب بـ “الصوت الباكي” بسبب خشوعه وانفعاله بمعاني الآيات. حاولت الإذاعة المصرية ضمه إلى قائمة قرائها المعتمدين، لكن الشيخ رفض القدوم إلى القاهرة للاختبار. وبدلاً من ذلك، صدر قرار بنقل معدات الإذاعة إلى إسنا حيث كان يقرأ، وسُجلت تلاوته لتصبح بداية اعتماده الرسمي.
موقفه من الشهرة
رغم انضمامه لاحقًا للإذاعة بإلحاح ووساطة، ظل الشيخ المنشاوي رمزًا للكرامة. ومن أبرز مواقفه أنه عندما دعاه أحد الوزراء لحضور حفل يحضره الرئيس جمال عبد الناصر، قال: “ولماذا لا يكون الشرف لعبد الناصر أن يستمع إليّ؟”، ورفض الدعوة.
معاناته الصحية
في عام 1966، أصيب الشيخ المنشاوي بدوالي المريء، وهو مرض مؤلم، لكنه لم يتوقف عن التلاوة، واستمر في القراءة بصوت قوي متحديًا الألم. ومع تفاقم حالته، نُقل إلى مستشفى المعادي، وعندما علم الرئيس عبد الناصر بمرضه، أمر بعلاجه في لندن على نفقة الدولة، لكن الموت كان أسرع، فتوفي في 20 يونيو 1969، قبل سفره.
مقال مقترح: ريهام سعيد تتصالح مع طبيب التجميل نادر صعب بعد أزمة التشويه
إرثه القرآني
ترك الشيخ محمد صديق المنشاوي إرثًا قرآنيًا غنيًا، حيث سجل مصحفًا كاملاً بأدائه، إضافة إلى مئات التلاوات من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، بما في ذلك المسجد الأقصى المبارك، والكويت، وسوريا، وليبيا.
خاتمة
رغم غيابه الجسدي، لا يزال صوته حيًا في قلوب المسلمين، يذكرهم بجمال الخشوع وروعة التلاوة. وفي ذكراه، تبقى تلاواته شاهدًا على مدرسة قرآنية لن تُنسى، وصوتًا يعلو فوق الزمان والمكان.