تأثير الحرب التجارية على سياسات البنوك المركزية الأوروبية
دفعت الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي البنوك المركزية في أوروبا إلى خفض أسعار الفائدة بهدف دعم اقتصاداتها، في حين يظل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مترددًا في اتخاذ خطوة مماثلة بسبب آثار التعريفات الجمركية. خلال هذا الأسبوع، قامت بنوك مركزية في سويسرا والسويد والنرويج بخفض أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ خمس سنوات، كما خفض كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا أسعار الفائدة الشهر الماضي، وفقًا لما نقلته مجلة “بوليتيكو” الأوروبية اليوم الجمعة.
تصاعد المخاوف من تأثير الحرب التجارية
خفضت هذه البنوك جميعًا توقعاتها للنمو نتيجة تصاعد المخاوف من تأثير الحرب التجارية على وتيرة النشاط الاقتصادي. وعلى الرغم من تأثر الاقتصاد الأمريكي بنفس العوامل، لم يخفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة حتى الآن هذا العام. ويعود ذلك إلى أن التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على العديد من الواردات الصينية أدت إلى زيادة في التضخم داخل الولايات المتحدة، مما جعل الفيدرالي الأمريكي يتوخى الحذر في اتخاذ إجراءات تيسير نقدي.
ممكن يعجبك: سعر الدولار اليوم في البنوك والسوق السوداء 19 يونيو 2025: صدمة جديدة!
وقال جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي: “كل من أعرفهم يتوقعون زيادة كبيرة في التضخم في الأشهر القادمة بسبب التعريفات، لأن شخصًا ما يجب أن يتحمل تكلفة هذه التعريفات”.
اقرأ كمان: أسعار الذهب في مصر تتأثر بتحركات الأسواق العالمية اليوم الجمعة
وأكد باول أن الفيدرالي الأمريكي لا يزال في وضع جيد يمكّنه من الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، خاصة مع استمرار النمو الاقتصادي الجيد ومعدل البطالة المنخفض الذي يبلغ 4.2%، مما يمنح البنك الفيدرالي فرصة للانتظار.
رد فعل ترامب وانتقاده للاحتياطي الفيدرالي
لم يتأخر رد فعل ترامب، حيث هاجم رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول واصفًا إياه بـ”قليل الفهم”، مشيرًا في تصريحاته للإعلام إلى أنه قد يضطر لـ”إجبار الفيدرالي على اتخاذ إجراء” إذا استمر التباطؤ الاقتصادي.
التأثيرات المباشرة على الصناعات الأوروبية
شهدت الصناعات الأوروبية أولى التأثيرات الحقيقية للتعريفات الجمركية الأمريكية، خاصة على صادرات أوروبا إلى الولايات المتحدة. في محاولة لشحن المنتجات قبل تنفيذ التعريفات، يواجه المصدرون الأوروبيون الآن انتظارًا طويلاً للحصول على طلبات جديدة. وعلى الرغم من مخاوف البنوك المركزية الأوروبية من أن الحرب التجارية قد تعطل سلاسل التوريد العالمية وتضيف تكاليف إضافية، فإن الأولوية الحالية تتركز على دعم النمو الداخلي.
وفي هذا السياق، صرح البنك السويدي ريكسبانك يوم الأربعاء: “لقد فقد الانتعاش الاقتصادي الذي بدأ العام الماضي زخمه”، مشيرًا إلى أن النمو الاقتصادي قد يتباطأ أكثر خلال الفترة المتبقية من العام.
تعديلات أسعار الفائدة في سويسرا والنرويج
في سويسرا، خفض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة إلى الصفر، بينما أعلن البنك المركزي النرويجي خفض سعر الفائدة للمرة الأولى منذ زيادته بعد جائحة كورونا.
أسعار الفائدة والعملات وتأثيرها على التضخم
بينما كانت البنوك المركزية الأوروبية تخفض أسعار الفائدة، ساهمت قوة العملة الأوروبية في زيادة الضغوط التضخمية. فقد فقد الدولار الأمريكي حوالي 9% من قيمته مقابل العملات الأوروبية الكبرى مثل اليورو والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري خلال العام الحالي، مما جعل الواردات الأوروبية، خاصة السلع الأساسية كالنفط والقهوة، أرخص.
ومع ذلك، خفض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة لتقليل جاذبية الفرنك السويسري كملاذ آمن للمستثمرين العالميين. وأشار رئيس البنك مارتن شليجل إلى احتمال خفض سعر الفائدة إلى ما دون الصفر مرة أخرى في المستقبل، لكنه أكد: “لن نتخذ قرار العودة إلى الفائدة السلبية بسهولة”.
التحديات المستقبلية والآفاق الاقتصادية
رغم الدعم المستمر من البنوك المركزية الأوروبية للاقتصادات المحلية، لا يزال القلق قائمًا بشأن ارتفاع التضخم مستقبلاً. ولا يزال العديد من المراقبين يرون أن تأثير حرب ترامب التجارية على الاقتصاد العالمي قد يدفع الاتحاد الأوروبي إلى تبني المزيد من التدابير التحفيزية خلال الأشهر القادمة.