أعلنت وزارة الداخلية السعودية، عبر بيان صحفي رسمي، عن تنفيذ حملة أمنية مكثفة لضبط مخالفات أنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود. وقد أسفرت هذه الحملة، التي تمت من 9 إلى 15 ذو الحجة 1446هـ، عن ضبط أكثر من 14 ألف وافد مخالف، بالإضافة إلى ترحيل الآلاف ومنعهم من العودة للعمل في المملكة، وذلك ضمن حملة وطن بلا مخالف التي أطلقتها الوزارة مطلع عام 2017 بهدف تنظيم سوق العمل.
عاصفة صامتة من الداخلية السعودية تطال أبناء 3 جنسيات عربية.. ترحيل أكثر 14 ألف مخالف في أسبوع واحد:
وراء كل رقم قصة، وفي حالة هذه الحملة، تشير الأرقام إلى انفجار غير معلن في ملف الإقامة والعمالة غير النظامية. وبحسب البيان الصادر عن وزارة الداخلية، تم ضبط 9,639 مخالفًا خلال الحملة الأمنية، وتوزعت الأعداد كما يلي:
مقال مقترح: توقعات ليلى عبد اللطيف 2025 وتحليلها
- 5,625 مخالفًا لنظام الإقامة.
- 2,797 مخالفًا لأمن الحدود.
- 1,217 مخالفًا لنظام العمل.
- كما تم ضبط 1,117 شخصًا أثناء محاولتهم الدخول غير النظامي إلى المملكة، و35 آخرين أثناء محاولتهم الخروج بطريقة مخالفة.
الجنسيات المستهدفة في الحملة:
رغم عدم الإفصاح العلني عن جنسيات الموقوفين، تشير معلومات متداولة وتصريحات غير رسمية إلى أن جنسيات عربية بعينها كانت في واجهة هذه الحملة. وفقًا لمصادر إعلامية محلية، فإن غالبية الموقوفين المرحّلين خلال الأسبوع الأخير ينتمون إلى ثلاث جنسيات عربية، يُرجح أن تكون:
- الإثيوبية: حيث يمثلون النسبة الأعلى من المخالفين.
- اليمنية (نظرًا للقرب الجغرافي والتسلل الحدودي).
- السودانية (نتيجة الحرب الأخيرة وزيادة الطلب على العمل غير النظامي).
وتشير التقارير إلى أن 72% من الموقوفين كانوا من الذكور، والبقية من الإناث.
اقرأ كمان: نتائج الحرس الوطني 1446 وموعد التعيينات القادمة
تنفيذ العقوبات.. ترحيل فوري ومنع نهائي من العمل:
لم تكن الحملة مجرد اعتقالات، بل تضمنت تنفيذ عقوبات صارمة تنهي علاقة الموقوفين بسوق العمل السعودي. أوضحت وزارة الداخلية أنه تم تنفيذ الإجراءات التالية:
- ترحيل 7,657 مخالفًا من المملكة.
- إحالة 8,630 مخالفًا للحصول على وثائق سفر.
- إحالة 840 مخالفًا لاستكمال إجراءات حجز السفر.
هذا يعني أن ما لا يقل عن 75% من الموقوفين تم التعامل مع ملفاتهم بشكل فوري، بما في ذلك صدور قرارات المنع النهائي من دخول المملكة أو العمل فيها.
الجهات المتورطة.. من يساعد المخالفين:
ليست الجريمة في التسلل فقط، بل في من يُسهلها ويستفيد منها. وكشفت الوزارة عن ضبط 10 متورطين في نقل وتشغيل وإيواء المخالفين أو التستر عليهم، مما يشير إلى وجود شبكات داخلية منظمة. هؤلاء الأفراد قد يواجهون عقوبات تصل إلى السجن 15 سنة وغرامات مالية بملايين الريالات، بالإضافة إلى مصادرة المركبات والمساكن المستخدمة.
فوائد الحملة من منظور أمني واقتصادي:
خلف التشديد الأمني توجد مكاسب للدولة والمجتمع، وأثر مباشر في ضبط السوق ومنع التلاعب، ومن أبرز هذه الفوائد:
- تعزيز أمن الحدود ومنع تسلل محتمل قد يُستخدم لأغراض تهريب أو إرهاب.
- تصفية سوق العمل من العمالة العشوائية ورفع كفاءة التوظيف.
- تقليل الضغط على البنية التحتية والخدمات العامة.
- ردع المستثمرين وأصحاب الأعمال من استغلال العمالة الهاربة.
- تقوية ثقة المواطنين في سيادة النظام.
فقرة تحليلية: هل نحن أمام تحوّل جديد في سياسة العمل بالمملكة:
الأسئلة المطروحة اليوم لا تتعلق فقط بحجم المخالفين، بل برؤية المملكة في التعامل مع ملف العمالة الوافدة. يبدو أن الحملة الأخيرة ليست عشوائية أو مؤقتة، بل هي جزء من رؤية أمنية واقتصادية جديدة تستهدف تحقيق التوازن بين الحاجة إلى العمالة الوافدة وضبط القوانين. وقد يكون هذا التحرك جزءًا من التحضير لتعديلات في سياسات الاستقدام والتوظيف، ونظام الإقامة الجديد (الإقامة المميزة).
دعوات عاجلة للمواطنين والمقيمين للتبليغ:
لم تعتمد الوزارة فقط على الحملات الميدانية، بل دعت الجمهور للمشاركة في الإبلاغ. وتم تفعيل قنوات الإبلاغ عبر الرقم 911 في مكة والرياض والشرقية، و999 و996 في بقية المناطق. كما أكدت الوزارة أن كل من يُسهم في إيواء أو تشغيل مخالفين سيُحاسب بقوة القانون، وحثّت الجميع على الابتعاد عن أي تصرف يُشكّل غطاءً للمخالفين.
ليست الأرقام وحدها ما يلفت النظر في حملة وزارة الداخلية، بل الرسالة الأمنية والسياسية العميقة التي تنطوي عليها هذه التحركات. السعودية تُعلن بوضوح أن زمن التجاوزات قد انتهى، وأن العمل غير النظامي لن يجد له موطئ قدم بعد اليوم. وفي ظل التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة ضمن رؤية 2030، تبدو هذه الحملات ليست مجرد إجراء أمني، بل أساس لإعادة هيكلة سوق العمل والمجتمع.