يتابع العالم منذ فجر اليوم الجمعة العملية العسكرية التي تُنفذ على الأراضي الإيرانية تحت اسم “الأسد الصاعد”، وقد أسفرت عن تدمير بنى تحتية ومنشآت عسكرية ومدنية واسعة في البلاد، بالإضافة إلى مقتل عشرات القادة العسكريين والعلماء.
وأكدت إيران على لسان العديد من مسؤوليها، ومن بينهم المرشد العام علي خامنئي، أنها تحتفظ بحق الرد على الهجمات التي اعتبرها المراقبون “مدمرة”، مشيرةً إلى أن ردها سيكون مزلزلاً للكيان الصهيوني، مما سيجعل إسرائيل تندم على مهاجمتها لأراضيها.
مواضيع مشابهة: تعديل موعد القطار 1946 يوم الوقفة وتشغيل تالجو إضافي في السكة الحديد
ليلة سقوط رجال المرشد
من بين القادة العسكريين والعلماء الذين قتلتهم إسرائيل مع بداية العملية العسكرية على إيران، كان اللواء حسين سلامي القائد العام للحرس الثوري، الذي يشرف على وحدات تمتد إلى خارج الحدود، واللواء غلام علي رشيد قائد مقر خاتم الأنبياء، المسؤول عن التخطيط العسكري الاستراتيجي، ود. محمد مهدي طهرانجي عالم نووي وأكاديمي، الذي يمثل حلقة وصل بين الجامعات والبرنامج النووي، بالإضافة إلى فريدون عباسي الشخصية السياسية العلمية، الذي تولى رئاسة منظمة الطاقة الذرية الإيرانية سابقاً
لكن العديد من المراقبين يرون أنه بعد مرور 12 ساعة على الهجوم الإسرائيلي، قد تكون طهران في مأزق كبير، وربما تعرضت لخسارة عسكرية ساحقة إذا لم يكن هناك رد بنهاية هذا اليوم على العملية التي تنفذها تل أبيب والتي وصلت إلى المرحلة الخامسة من الهجوم.
يقول الباحث في الشأن الإيراني الدكتور محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، إن طهران إذا لم ترد اليوم، فهي ذاهبة نحو “كابيتولاسيون” مشابهة لما حدث في العام 2025، مضيفاً أن البلاد لا تزال تثير الدهشة بسبب عدم قدرتها السريعة على الرد، وعدم دخولها في المعادلة الصفرية الانتحارية التي وعدت بها.
ممكن يعجبك: خالد رسلان من الجنوب إلى قمة كار جاس
وأشار أبو النور إلى أن عدم الرد اليوم يعني فقدان إيران القدرة على الرد بشكل عام، تماماً كما في حرب الأيام الستة عام 1967، مؤكداً أن من لم يتمكن من صد الهجوم ثم الرد عليه، يعلن ضمنياً عن الهزيمة العسكرية والانكسار أمام القوى الخارجية.
وتابع: تكمن المشكلة الأزلية لدى العقلية الإيرانية التي اعتادت على الانهزام أمام الأعداء الخارجيين، والتأقلم مع ذلك، وكثيراً ما وقعت على اتفاقات مذلة في تاريخها الطويل، كما فرطت في قطع من أراضيها، رضوخاً للغزو الخارجي الذي تمثله قوى تفوقها حجماً وعتاداً، وغالباً ما جلست مرغمة على طاولات ووقعت على ما لا ترضاه
وأشار أبو النور إلى حالات تاريخية بدءاً من تنازل إيران عن أراضيها لصالح الإمبراطورية الروسية في معاهدة تركمان جاي عام 1828، واحتلال روسيا وبريطانيا لأراضيها خلال الحرب العالمية الثانية عام 1941، وانتهاء بتحكم اللاعب الأنجلو-أمريكي في مقدرات البلاد وثرواتها بعد الانقلاب على حكومة مصدق عام 1953.
وأضاف الباحث في الشأن الإيراني: الأكثر من ذلك هو تحكم سفارات الدول الأجنبية الموجودة في طهران في القرار السياسي للبلاد، لدرجة أن مترجماً في السفارة البريطانية أصبح وزيراً للمالية، ولدرجة أن الشاه محمد رضا بهلوي أصدر قانون الكابيتولاسيون (الحصانة القانونية للجالية الأمريكية عام 1963)
واستطرد أبو النور قائلاً: لكل ما سبق، قامت الثورة الإيرانية أصلاً، ونادت بشعارات معادية للغرب الذي نهب البلاد، والذي أذل إيران لسنوات طويلة، وكان شعار “الموت لأمريكا” و”الموت للشيطان الأكبر” ليس من فراغ
وأشار إلى أن آيات الله الذين ثاروا على الشاه، لأنهم رأوا أنه يخضع البلاد للقوى الخارجية، هم اليوم على قمة السلطة منذ نحو 46 عاماً، ويتعين عليهم اتخاذ قرارات بحجم التحديات الوجودية الماثلة أمامهم، وإلا حكموا على أنفسهم بالجلوس أذلاء أمام الأمريكي والتوقيع على ما يشاء، تماماً كما أعلن الرئيس ترامب أنه يعرض على إيران الاستسلام بعد الحملة الإسرائيلية.
واختتم أبو النور بالقول: ملخص ما سبق أنه على المرشد الإيراني علي خامنئي أن يتخذ قراره، أو أن ينتظر حتى يوقع على تركمان جاي جديدة ويمنح الأمريكان
طالت الضربات التي شنتها إسرائيل العاصمة طهران نفسها وعدة مدن أخرى، حيث استهدفت تل أبيب هيئة الأركان العامة للجيش الإيراني، ومقر الحرس الثوري، ومنشآت إيران النووية الرئيسية، ومنازل كبار العلماء النوويين، مما أدى بالفعل إلى مقتل عدد منهم