كارلو أنشيلوتي يعزز الدفاع البرازيلي ويواجه تحديات هجومية نحو كأس العالم 2026

بعد تأكيد منتخب البرازيل تأهله لكأس العالم 2026، المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، بدأت ملامح “السيليساو” تتشكل تحت قيادة المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، الذي يُعتبر من أنجح المدربين في تاريخ اللعبة، ورغم البداية المشجعة من حيث النتائج، فإن الأداء أظهر نقاط قوة جديدة، وأخرى لا تزال تحتاج إلى تحسين قبل الدخول في المنافسات العالمية بعد عام واحد فقط.

حائط دفاعي جديد بتوقيع “كارليتو”

في أول اختبارين رسميين له، أمام الإكوادور (0-0) وباراجواي (1-0)، حافظ أنشيلوتي على نظافة شباك البرازيل، وهو ما لم يكن معتادًا خلال التصفيات، حيث كانت البرازيل من بين أكثر الفرق استقبالًا للأهداف بين المنتخبات المتأهلة مباشرة، وأرجع أنشيلوتي هذا التحول إلى فلسفته الإيطالية الواضحة، التي تعتمد على التنظيم والانضباط الدفاعي، قائلاً: “أنا إيطالي، لا تنسوا هذا الأمر”

المفاجأة تمثلت في بروز مدافع ليل الفرنسي، أليكساندرو ريبيرو، الذي لم يكن اسمًا مألوفًا لجماهير “السامبا”، لكنه نال ثقة المدرب وشارك أساسيًا في المباراتين، وأثبت قدراته بصلابة دفاعية وتحكم جيد في إخراج الكرة، مما قد يجعله أحد الأسماء الأساسية في المشروع الجديد.

ثقافة التضحية الجماعية

فرض المدرب الإيطالي بصمته بسرعة، وأكد على مبدأ العمل الجماعي والضغط العالي، وهو ما تجلى بوضوح في مباراة باراجواي، حيث ضغط لاعبو البرازيل بشكل غير مسبوق، وتواجدوا بكثافة داخل نصف ملعب الخصم، واعتبر أنشيلوتي هذا الالتزام علامة على عقلية اللاعبين الجديدة، مضيفًا: “لكي تضغط، يجب أن تركض وتضحي، هذا ما فعله الفريق”

وفي إشارة بدت موجهة لنجمه الغائب نيمار، أشار أنشيلوتي إلى أن حتى اللاعب المعروف بعدم الالتزام سيكون عليه الانضواء تحت هذا النهج دون استثناء.

أنشيلوتي يُعيد الهدوء لغرف الملابس

بجانب التطور الفني، نجح أنشيلوتي في استعادة الانضباط والهدوء لغرف ملابس البرازيل، وهو ما كان مفقودًا في السنوات الأخيرة، وبفضل شخصيته الهادئة ومسيرته المليئة بالبطولات، فرض احترامه ليس فقط على اللاعبين، بل أيضًا على الإعلام المحلي، إلى درجة أن أحد الصحفيين أهداه صندوقًا من السيجار البرازيلي بعد مباراته الثانية.

لكن.. الهجوم بلا أنياب

ورغم الصلابة الدفاعية والتحكم التكتيكي، فإن الجانب الهجومي لا يزال يعاني من غياب الإبداع والانسيابية، وهي من الصفات التي تميزت بها البرازيل عبر تاريخها، ففي مباراة الإكوادور، اعتمد أنشيلوتي على ثلاثي وسط دفاعي مكون من جيرسون، برونو جيمارايش، وكاسيميرو، مما أدى إلى جمود هجومي واضح.

أما أمام باراجواي، ففضل الدفع بمهاجم رابع هو جابرييل مارتينيلي بدلاً من أحد لاعبي الوسط، مما أضفى بعض الحيوية، لكنه اعتمد بشكل كبير على المهارات الفردية أكثر من اللعب الجماعي المنظم.

ويُعتبر غياب لوكاس باكيتا – الذي يواجه عقوبة محتملة بسبب تورطه في قضايا مراهنات – إضافة إلى الإصابات المتكررة لنيمار، من أبرز أسباب هذا القصور في بناء الهجمات.

أرقام مقلقة في الشق الهجومي

رغم السيطرة الميدانية أمام باراجواي، فإن منتخب البرازيل لم يسدد سوى أربع كرات على المرمى، مقابل ثلاث فقط أمام الإكوادور، نسبة ضعيفة لا تليق بفريق يضم أسماء لامعة مثل فينيسيوس جونيور، رافينيا، مارتينيلي، وكونيا.

أنشيلوتي، خلال المؤتمر الصحفي عقب مباراة باراجواي، أعرب عن “رضاه التام تجاه التزام اللاعبين وتطورهم الدفاعي”، لكنه لم يُخفِ أن هناك الكثير من العمل في الجانب الهجومي، مشيدًا في الوقت نفسه بالمهاجمين الأربعة الذين بدأ بهم اللقاء، وعلى رأسهم فينيسيوس، صاحب هدف الفوز.

كما لم يُخفِ إعجابه براسينغ كاسيميرو، معتبرًا إياه “عنصرًا موثوقًا” داخل الفريق، وأثنى على رافينيا ووصفه بأنه “لاعب مذهل يجمع بين الجودة والجهد البدني”.

خطة الصيف: إجازة ومتابعة اللاعبين

في ختام حديثه، كشف أنشيلوتي عن نيته أخذ عطلة قصيرة بعد ضغط التصفيات، مؤكدًا أنه يتابع قائمة موسعة من 70 لاعبًا ينشطون في مختلف البطولات، من بينهم من يلعبون في البرازيل وأوروبا والسعودية، وقال: “جميع هؤلاء لديهم فرصة للذهاب إلى كأس العالم”، مما يعكس فكرًا منفتحًا ومتابعة دقيقة لجميع الخيارات

بينما يتطلع الجمهور البرازيلي للعودة إلى منصة التتويج التي غاب عنها منذ 2002، يبدو أن أنشيلوتي قد بدأ مشروعًا متوازنًا، تتجلى فيه الصلابة والواقعية، لكنه يحتاج إلى مزيد من الإبداع والجرأة الهجومية، كي يعود “السامبا” إلى سابق عهده.