لماذا لا يجب استخدام وقت الشاشة كوسيلة للعقاب أو الثواب؟

يؤكد الباحثون أن استخدام الأطفال لوقت الشاشة بشكل مفرط، خاصة كوسيلة للتعامل مع سوء السلوك، قد يؤدي إلى مشاكل صحية نفسية تمتد على المدى الطويل. ويحذرون من أن هذه العادة قد تدفع الأطفال إلى الوقوع في دائرة مغلقة تؤثر سلبًا على صحتهم النفسية.

تم ربط العديد من المشكلات النفسية مثل القلق والاكتئاب والعدوانية بقضاء وقت طويل أمام الشاشات.

علاوة على ذلك، أظهرت الأبحاث أن الأطفال الذين يعانون من هذه المشكلات هم الأكثر عرضة لاستخدام الشاشات، حيث تشمل الأنشطة المرتبطة بالشاشات مواقع التواصل الاجتماعي، ألعاب الفيديو، التلفزيون، والواجبات المنزلية عبر الإنترنت.

كما وجد الباحثون أن زيادة وقت الشاشة قد تؤدي إلى مشاكل عاطفية وسلوكية؛ وغالبًا ما يلجأ الأطفال الذين يواجهون هذه المشكلات إلى الشاشات كوسيلة للتكيف.

تفاصيل الدراسة

للوصول إلى هذه النتائج، قام فريق من الباحثين الدوليين بمراجعة 117 دراسة شملت بيانات من أكثر من 292 ألف طفل حول العالم، حيث أجروا تحليلات دقيقة لفهم العلاقة بين وقت الشاشة والمشكلات الاجتماعية والعاطفية بشكل أعمق، بما في ذلك العدوانية والقلق وانخفاض الثقة بالنفس.

تم تنفيذ معظم الدراسات في الولايات المتحدة، لكن شملت أيضًا أبحاثًا من كندا وأستراليا وألمانيا وهولندا. وعُدَّت أي دراسة شارك فيها أطفال دون سن العاشرة وقامت بقياس استخدام الشاشات والمشكلات الاجتماعية والعاطفية، مع متابعة الأطفال لمدة لا تقل عن ستة أشهر.

وجد الباحثون أن الأطفال الأكبر سنًا، الذين تتراوح أعمارهم بين ست إلى عشر سنوات، كانوا أكثر عرضة لمواجهة مشكلات اجتماعية وعاطفية مع زيادة استخدامهم للشاشات. كما أظهرت النتائج أن الفتيات عادة ما يكن أكثر عرضة لمثل هذه المشكلات، بينما كان الأولاد يميلون لزيادة وقت استخدامهم للشاشات عند مواجهة تحديات مشابهة.

ارتبطت الألعاب الإلكترونية بمخاطر أكبر مقارنةً باستخدام الشاشات لأغراض تعليمية أو ترفيهية، حيث كان الأطفال الذين يعانون من مشكلات اجتماعية وعاطفية يميلون أكثر للجوء إلى الألعاب الإلكترونية كوسيلة للتكيف.

تشكل الألعاب الإلكترونية، على وجه الخصوص، مخاطر إضافية، حيث تعمل غالبًا كمنصات تواصل اجتماعي. فبما أن هذه الألعاب تستمر حتى بعد تسجيل خروج اللاعب، قد يشعر الأطفال بضغط للبقاء على اتصال لفترات أطول، مما يؤدي إلى إهمال أنشطة حياتية مهمة مثل النوم والواجبات المدرسية والتفاعلات المباشرة.

بينما قد تفيد بعض الألعاب الصحة النفسية للأطفال والمراهقين الذين يعانون من القلق والاكتئاب واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، مما يساعدهم في إيجاد مجتمع، وتحسين أدائهم الإدراكي، وتطوير مهارات حل المشكلات، إلا أن الألعاب ارتبطت أيضًا بانخفاض مستوى العلاقات مع الأقران وزيادة العدوانية. ومع ذلك، تشير مؤسسة الصحة النفسية للأطفال إلى أن لكل طفل طريقته الفريدة في استخدام الألعاب.

تشير هذه النتائج إلى ضرورة أن يكون الآباء حذرين عند السماح للأطفال بقضاء وقت أمام الشاشات، بدلاً من استخدام الشاشات كوسيلة لتهدئتهم. حاليًا، توصي الجهات الصحية بعدم تعريض الأطفال دون سن الثانية لمشاهدة الوسائط أو استخدام أجهزة الكمبيوتر.