تعرضت العاصمة الروسية موسكو لاعتداء بطائرات مسيّرة من قبل أوكرانيا، مما أدى إلى تعليق مؤقت لحركة الملاحة الجوية في مطارات فنوكوفو ودوموديدوفو، بالإضافة إلى مطار كالوجا الإقليمي، كإجراء احترازي يهدف إلى حماية سلامة الطائرات المدنية والمجتمع.
عملية شبكة العنكبوت
وفقًا لما ذكره عمدة موسكو سيرغي سوبيانين عبر قناته في “تيليغرام”، تمكنت الدفاعات الجوية الروسية من إسقاط تسع طائرات مسيّرة كانت متوجهة إلى العاصمة بحلول الساعة 04:00 صباحًا، وقد ألحق بعضها أضرارًا بسيطة دون الإبلاغ عن خسائر بشرية كبيرة مباشرة داخل المدينة، لكن حطامًا سقط في منشأة “مخبز آزوت” الكيميائي بمحافظة توﻻ، مما تسبب في نشوب حريق وإصابة شخصين، بينما تم إسقاط سبع طائرات أخرى في سماء محافظة كالوجا المجاورة.
مقال له علاقة: وزير خارجية النرويج يؤكد دعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
يأتي هذا الهجوم في إطار ما يُعرف بـ”عملية شبكة العنكبوت” (Operation Spiderweb)، التي نفذتها القيادة العسكرية الأوكرانية خلال عطلة نهاية الأسبوع، مستهدفةً عدة مواقع داخل روسيا، خاصة الطائرات الاستراتيجية ذات القدرات النووية في بعض القواعد الجوية.
إسقاط 61 مسيرة أوكرانية
أكدت مصادر روسية أن الدفاعات الجوية أسقطت ما لا يقل عن 61 مسيّرة أوكرانية في مناطق متعددة، تشمل بريانسك وبيلغورود وكالوغا وتولا وموسكو وشبه جزيرة القرم.
أعلنت وكالة النقل الجوي الاتحادية الروسية “روسافياتسيا” على صفحتها في “تيليغرام” عن تعليق الرحلات في مطارات فنوكوفو ودوموديدوفو وكالوجا حتى إشعار آخر.
ورغم ذلك، لم تُعلن شركات الطيران الدولية رسميًا عن تعليق رحلاتها إلى موسكو نتيجة لهذا الحدث، على عكس الهجمات السابقة منذ مايو، التي أسفرت عن إلغاء وتأجيل مئات الرحلات وإعاقة خطط سفر نحو 60 ألف راكب.
في المقابل، اتخذت موسكو مجموعة من الإجراءات الأمنية، شملت تعزيز الدفاعات الجوية في موسكو وضواحيها، بالإضافة إلى زيادة انتشار عناصر الطوارئ للتعامل مع الحطام وتقليل الأضرار المحتملة.
تعليق كييف
لم تُعلق كييف رسميًا على مسؤوليتها المباشرة، إلا أن مصادر غربية أكدت أن أوكرانيا استهدفت ضمن هذه الحملة مواقع ومنشآت داخل روسيا بهدف إظهار قدرتها على الرد على القصف الروسي المتكرر على أراضيها.
لم يكن الهجوم الأخير معزولًا، بل هو جزء من تصعيد متبادل يعكس تحولًا تكتيكيًا في استخدام الطائرات المسيّرة كوسيلة ضغط في حرب دون أطراف، حيث يُظهر تقاطع الاستراتيجية مع السياسة، وبالنسبة لموسكو، فإن تأمين أجواء العاصمة وإظهار حصانة دفاعاتها أصبح أولوية لوجستية وسياسية، خصوصًا في ظل الاجتماعات الرسمية والزيارات الدبلوماسية المرتقبة.
أما كييف، فتستخدم الطائرات المسيّرة لتوجيه رسالة واضحة: أنها ليست فقط في موقع الدفاع، بل قادرة أيضًا على تنفيذ ضربات داخل الأراضي الروسية، بما في ذلك الأهداف الاستراتيجية إذا لزم الأمر.
ومع استمرار القتال وتبادل الهجمات، يبدو أن الطائرات المسيّرة ستظل أداة رئيسية في الحرب اليومية بين موسكو وكييف، مما يضع ضغطًا على الجانبين المدني والعسكري على حد سواء.
تشير المعادلة الحالية إلى أن ردود الفعل الروسية، سواء بإغلاق مؤقت للمطارات أو تعزيز الدفاعات الأرضية، ستظل سمة مميزة لهذه المرحلة المتصاعدة من الصراع، وفي حال تكرار الهجمات، فإن تكرار عمليات الإغلاق أو حتى الإعلان عن ممرات طيران بديلة قد يصبح أمرًا اعتياديًا في المستقبل القريب.
مقال مقترح: شيخ الأزهر يصل الإمارات للمشاركة في قمة الإعلام العربي
باتت سلامة حركة الطيران المدني واستقرار جداول الرحلات تحديًا جديدًا يُعقّد الصورة الأمنية الشاملة في موسكو، ويتطلب تنسيقًا أكبر بين الدفاع المدني ومشغلي المطارات، وربما يتضمن أيضًا تداعيات سياسية على المستوى الدولي أمام شركاء روسيا التجاريين والسياحيين.