«موسم باهت».. هذا هو الوصف الأكثر دقة لما نشهده في موسم أفلام عيد الأضحى، حيث تراجعت أعداد الأعمال المعروضة بشكل غير مسبوق.

ممكن يعجبك: وصفة سريعة لتنعيم الشعر في ساعتين قبل عيد الأضحى
على غير العادة، اقتصر موسم أفلام عيد الأضحى هذا العام على فيلمين فقط، مما يعكس استمرارًا للظاهرة التي بدأت في عيد الفطر الماضي، حيث لم تُعرض سوى أربعة أفلام، غابت عنها نجوم الصف الأول.
هذا الوضع أثار تساؤلات عديدة لدى النقاد والجمهور: هل يعكس تقليص عدد الأفلام في موسم كبير مثل عيد الأضحى ذكاءً في توزيع الأعمال بهدف منح بعض الأفلام فرصة أكبر للعرض؟ أم أنه محاولة مقصودة لإجبار الجمهور على مشاهدة فيلم أو اثنين فقط، دون منحهم فرصة للاختيار أو التنافس الحقيقي؟
الفيلم الأول في موسم عيد الأضحى هو «مشروع X»، تأليف وإخراج بيتر ميمي، وبطولة كريم عبد العزيز، إياد نصار، ياسمين صبري، أحمد غزي، وعصام السقا.
تدور أحداث الفيلم حول عالم آثار يكتشف سرًا قد يغير مستقبل الطاقة، مما يجعله هدفًا لمنظمة سرية تسعى لإسكاته، فيدخل في مواجهة شرسة لحماية ابنته وكشف الحقيقة.
أما الفيلم الثاني فهو «ريستارت»، بطولة تامر حسني وهنا الزاهد، تأليف أيمن بهجت قمر، وإخراج سارة وفيق، ويشارك فيه عدد من الفنانين مثل باسم سمرة، محمد ثروت، وعصام السقا.
تدور القصة حول فني هواتف بسيط يقع في حب مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي، ويبدأ رحلة مع عائلتهما بحثًا عن الشهرة عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى مجموعة من المواقف الكوميدية الساخرة.
أثيرت تساؤلات حول غياب أفلام أخرى كانت مرشحة للعرض في هذا الموسم، مثل «الجواهرجي» لمحمد هنيدي ومنى زكي، و«أحمد وأحمد» لأحمد السقا وأحمد فهمي، مما جعل البعض يربط هذا الغياب برغبة بعض شركات التوزيع في منح أحد الأفلام مساحة عرض أكبر دون منافسة حقيقية.
حرق الأفلام
في هذا السياق، يرى المخرج أمير رمسيس أن تقليص عدد الأفلام في موسم العيد ليس مشكلة بل خطوة مدروسة. ويقول: «أعتقد أن التوزيع الجيد لفيلم متكلف مثل مشروع X يحتاج إلى مساحة كافية ليشاهده الجمهور بما يتناسب مع الإيرادات المنتظرة، وكذلك فيلم ريستارت لتامر حسني، الذي يعد فيلمًا ضخمًا. هذا يعتبر نوعًا من الذكاء في التوزيع، حيث لا يجب أن تتكدس الأفلام معًا، لأننا كنا نشكو في السابق من ظاهرة حرق الأفلام في العيد».
ويتابع: «إذا تذكرنا موسم العيد الماضي، كان هناك زخم، ولم يكن هناك سوى فيلم واحد في السينمات وهو إكس مراتي، وكان لدينا شكاوى من خلو القاعات، بينما أفلام أخرى تعرضت للظلم لأنها كانت تنافس في العيد. لذا قد يكون التخطيط الحالي هو الأفضل لصيف هذا العام، وهي خطوة إيجابية».
ويختتم قائلاً: «عرض هذين الفيلمين فقط هو أفضل من حيث عدم ظلم أفلام أخرى، خاصة أن الماضي شهد أفلامًا تعرضت للظلم عندما كانت تنافس أفلامًا أكبر، وما دام أننا في صيف خالٍ من الزحمة، فإن هذا هو الذكاء الذي تحقق هذا العام».
فرصة للمشاهدة
وفي نفس السياق، علق الناقد الفني الدكتور ياسر محب على اقتصار موسم عيد الأضحى السينمائي هذا العام على فيلمين فقط، مؤكدًا أن خريطة العروض السينمائية في مصر لم تعد واضحة أو مستقرة منذ سنوات، حيث تشهد أوقاتًا يزدحم فيها شباك التذاكر بعدد كبير من الأفلام، مما يثير شكاوى من المنتجين والموزعين.
وأضاف «محب»، في تصريحات خاصة لـ«النبا»، أن وجود فيلمين فقط من بطولة نجوم كبار هذا العام قد يكون في صالح السوق، إذ يمنح فرصة أكبر للجمهور لمشاهدتهما دون تكدس في دور العرض. وأكد أن الجمهور قد يطالب بمزيد من الأفلام، لكن هذا الأمر لم يعد ضروريًا حتى في السينما العالمية، إذ لم تعد جميع الأعمال تُطرح في المواسم التقليدية فقط، بل باتت توزع على مدار العام.
وأوضح أن النجوم أصبحوا يوازنون بين مشاركاتهم في السينما وظهورهم في دراما رمضان وأعمال المنصات الرقمية، مما يفرض نمطًا مختلفًا في توزيع الأعمال.
وتابع: «لا أعتقد أن قلة عدد الأفلام ستؤثر سلبًا على السينما المصرية، بل العكس؛ فيلمان لنجوم كبار كفيلان بجذب الجمهور، خاصة مع قرب انطلاق موسم الصيف الذي سيشهد عروضًا مميزة».
واختتم قائلاً: «لم تعد فكرة أن من لا يشارك في موسم العيد يكون خاسرًا قائمة كما كانت من قبل، فالعام السينمائي حافل، والنجوم أصبحوا أكثر وعيًا بالتوازن بين ظهورهم في مختلف المنصات لتحقيق الاستمرارية دون استهلاك زائد».
أزمة صناعة
على الجانب الآخر، قال الناقد الفني الدكتور طارق سعد إن قلة أفلام العيد تُعد استمرارا لمشكلة ارتفاع تكاليف الصناعة، مشيرًا إلى أن العيد قديمًا كان مناسبة مهمة للخروج والفسحة، حيث كانت الشوارع تغلق بسبب عرض أفلام تصل أحيانًا إلى 5 أو 6 أفلام في وقت واحد.
مقال مقترح: مسلسل حرب الجبالي وأحداثه المثيرة على MBC مصر
وتابع: «في السابق، كان الناس يخرجون يوميًا لمشاهدة أفلام مختلفة، أما الآن ومع الأوضاع الاقتصادية الحالية وارتفاع أسعار التذاكر، أصبح الجمهور يبحث عن تجربة سينمائية بسيطة ومعقولة، وهذا أيضًا من الأسباب».
وأضاف أن التكاليف أثرت بشكل كبير على غزارة الإنتاج، مشيرًا إلى أن المنتجين يستحقون الشكر على صمودهم في ظل هيمنة المنصات.
واستكمل: «المنصات الآن تقدم محتوى على مدار الساعة، وقد فقد المشاهد شغفه بالذهاب إلى السينما، بل إن بعض المنصات تعرض الأفلام بشكل حصري، مما يوفر للجمهور خيارات أوفر».
وأكد أنه من الضروري حدوث تعاون بين المنصات والمخرجين لإنتاج أفلام مشتركة، كما حدث في بداية ظهور قناة روتانا التي دعمت المنتجين مادياً مقابل الحصول على حقوق العرض، وهو نموذج خدم الصناعة بشكل مباشر.
وأشار إلى أن توزيع الأفلام لم يعد كما كان، فأصبح توزيع المنصات أكثر أهمية واحترافية، محذرًا من الاعتماد على بيع بعض الأفلام غير الناجحة للمنصات فقط من أجل تعبئة المحتوى، رغم أنها لم تحقق نجاحًا جماهيريًا.
وأوضح أن صناعة السينما يجب أن تُعامل كاستثمار وصناعة هامة، خاصة أن المنصات يجب أن تنفق على الأفلام كما تفعل مع المسلسلات، لتظهر الأفلام بجودة مناسبة، وهذا ما تفعله إحدى المنصات العربية حاليًا.
وتابع: «أما عن ما يتردد بشأن إفساح المجال لأعمال معينة وتأجيل أعمال أخرى لصالحها، فرأى أن هذا أمر وارد في إطار التنسيق، ولا مشكلة فيه ما دام يتم بالتراضي وللمصلحة العامة، لأن الإيرادات تُعتبر كعكة يتم تقاسمها، وكل طرف يسعى لتفادي الخسارة».
وأضاف: «العناد ليس في صالح أحد، وهناك متخصصون يتابعون توقيتات العروض لضمان تحقيق إيرادات، على سبيل المثال، كان من المقرر عرض فيلم تامر حسني في عيد الفطر، لكنه أُجل، وتم عرضه الآن، بينما كان من المفترض طرح فيلم أحمد السقا في العيد، ولم يصدر عنه إعلان حتى الآن، وربما يُطرح في أغسطس».
وأكد أن هذه الترتيبات تتم وفق رؤية المسؤولين عن التوزيع لتحقيق أكبر استفادة، وإذا لم يحقق المنتج الأرباح، فلن يستطيع الاستمرار في الإنتاج، ولهذا يسعى الصناع لاختيار توقيتات مناسبة.