أرامكو تفاجئ الأسواق بخفض تاريخي لأسعار النفط في آسيا الأدنى منذ 4 سنوات

أعلنت شركة أرامكو السعودية، أكبر مصدِّر للنفط في العالم، عن خفض الأسعار الرسمية لبيع الخام العربي الخفيف إلى آسيا لشهر يوليو 2025 بمقدار 0.20 دولار، ليصبح السعر الجديد 1.20 دولار فوق متوسط خامي عمان/دبي. يُعتبر هذا السعر الأدنى منذ نحو أربع سنوات، مما شكل مفاجأة في الأوساط الاقتصادية والنفطية، خصوصًا في ظل عوامل سوقية عادة ما تشير إلى ارتفاع الأسعار، مثل انخفاض المخزونات العالمية وزيادة الطلب على النفط. ورغم أن السعر الجديد يتطابق مع ما تم تحديده في مايو، إلا أنه أقل من سعر يونيو الذي كان 1.40 دولار، مما يعكس اتجاهًا نزوليًا تدريجيًا في أسعار البيع الرسمية خلال الأشهر الماضية، وهو ما يتناقض ظاهريًا مع المؤشرات التقليدية التي عادة ما تدفع نحو رفع الأسعار.

أرامكو تفاجئ الأسواق بخفض تاريخي لأسعار النفط في آسيا الأدنى منذ 4 سنوات
أرامكو تفاجئ الأسواق بخفض تاريخي لأسعار النفط في آسيا الأدنى منذ 4 سنوات

خفض الأسعار يتزامن مع زيادات إنتاج أوبك+

يأتي هذا القرار بالتزامن مع إعلان مجموعة الدول الثمانية في تحالف أوبك+ عن زيادة جديدة في الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميًا اعتبارًا من يوليو المقبل، كجزء من خطة أوسع تهدف إلى إنهاء التخفيضات الطوعية تدريجيًا. وقد دعمت السعودية هذا التوجه في مناقشات المنظمة. وبحسب ما أفادت به وكالة رويترز، جاء رفع الإنتاج استنادًا إلى تحسن أساسيات السوق، خاصة في ظل تراجع المخزونات العالمية، وهي مؤشرات تقليدية تدفع الأسعار عادةً نحو الارتفاع، وليس الانخفاض. ويرى مراقبون أن هذا التناقض بين زيادة الكميات المنتجة وتخفيض الأسعار الرسمية يعد جزءًا من استراتيجية مرنة لأرامكو تهدف إلى الحفاظ على تنافسيتها في الأسواق الحيوية مثل آسيا، التي تستورد نحو 80% من صادرات النفط السعودي.

المنافسة مع روسيا وغرب إفريقيا على الأسواق الآسيوية

يعتقد خبراء السوق أن خطوة أرامكو تأتي ردًا على تصاعد المنافسة في آسيا، لا سيما من روسيا ومنتجي النفط في غرب إفريقيا. كما أن التغيرات الاقتصادية في الدول الآسيوية الكبرى المستهلكة للنفط تفرض على السعودية مراجعة أسعارها بمرونة للحفاظ على حصصها السوقية. يُنظر إلى هذا الخفض كوسيلة لتحفيز المشترين الآسيويين، خصوصًا في ظل العقوبات الغربية على النفط الروسي، مما يدفع روسيا إلى تقديم تخفيضات كبيرة في أسعار الخام لتسويقه في آسيا.

الأسعار ترتفع في أوروبا وأمريكا رغم خفض آسيا

على الرغم من خفض أسعار آسيا، قررت أرامكو رفع أسعار البيع لأوروبا وأمريكا خلال شهر يوليو. إلى أوروبا، تم رفع السعر بمقدار 1.8 دولار ليصل إلى 3.25 دولار فوق خام برنت، مقارنة بـ1.45 دولار في يونيو. أما إلى أمريكا، فقد تم رفع السعر بمقدار 0.10 دولار ليصل إلى 3.50 دولار فوق مؤشر أرغوس، بعد زيادته بـ0.2 دولار في يونيو. يُظهر هذا التباين في التسعير الإقليمي أن أرامكو تتبنى سياسة تسعيرية دقيقة تختلف حسب كل سوق، لموازنة العائدات السوقية والضغوط التنافسية في كل منطقة.

التحالف النفطي يسير بخطة تراجع طوعي مرنة

تواصل دول أوبك+، بقيادة السعودية، تنفيذ خطة التخلي التدريجي عن خفض الإنتاج الطوعي، التي بدأت في أبريل 2025. وقد أعلنت المجموعة عن رفع الإنتاج ثلاث مرات متتالية حتى يوليو، بمعدل 411 ألف برميل يوميًا في كل مرة. وتجدر الإشارة إلى أن السعودية تسهم بنحو 1.5 مليون برميل يوميًا من التخفيضات الطوعية، تشمل مليون برميل أضيفت لاحقًا و500 ألف برميل منذ أبريل 2023. ومع ذلك، أكدت دول التحالف أن خطة الزيادة قابلة للتوقف أو التعديل حسب معطيات السوق، مما يضمن مرونة عالية في استجابة المنظمة لأي تقلبات مستقبلية.

أرامكو بين التزامات العقود وتحديات السوق

أكدت أرامكو في بيانها التزامها بتلبية احتياجات عملائها في آسيا وأوروبا وأمريكا، بناءً على العقود المبرمة، مما يعكس سعيها للحفاظ على علاقات طويلة الأمد مع شركائها التجاريين، دون الإضرار بمصالحها في الأسواق الأكثر ربحية. يرى المحللون أن هذه الاستراتيجية تمنح أرامكو ميزة تنافسية كبيرة، خاصة في ظل تقلبات أسعار النفط العالمية، التي تراجعت في أبريل إلى أقل من 59 دولارًا للبرميل قبل أن تستقر حول 65 دولارًا.