صندوق النقد الدولي والجامعة الأمريكية يختتمان المؤتمر الأول للبحوث الاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

اختتم المؤتمر السنوي الأول لصندوق النقد الدولي للبحوث الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أعماله بدعوة ملحة لتبني سياسات متكاملة تستند إلى الأدلة لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة، حيث استمرت النقاشات الرفيعة المستوى وتحليلات الخبراء على مدار يومين.

صندوق النقد الدولي والجامعة الأمريكية يختتمان المؤتمر الأول للبحوث الاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
صندوق النقد الدولي والجامعة الأمريكية يختتمان المؤتمر الأول للبحوث الاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

 

شكل المؤتمر، الذي نظمته صندوق النقد الدولي بالتعاون مع الجامعة الأمريكية بالقاهرة في 18 و19 مايو 2025، منصة محورية لإجراء أبحاث عميقة تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

 

شهد المؤتمر مشاركة واسعة من صانعي السياسات والأكاديميين والمسؤولين الحكوميين والمفكرين، حيث تم ردم الفجوة بين النقاشات الاقتصادية العالمية وواقع التحديات التي تواجه المنطقة.

 

يمثل المؤتمر شراكة فريدة بين صندوق النقد الدولي وإحدى الجامعات الرائدة في المنطقة، مما يعكس التزاماً مشتركاً بتعميق الصلة بين البحث الأكاديمي وتطوير السياسات.

 

أشار جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، إلى أن التوترات التجارية وزيادة حالة عدم اليقين التي تؤثر على الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى النزاعات الإقليمية المستمرة ومخاطر تغير المناخ، تخلق تحديات جديدة أمام صانعي السياسات في المنطقة.

 

ودعا أزعور إلى إنشاء منصة إقليمية للحوار وتبادل الأفكار تربط المنطقة بمراكز بحثية عالمية، بهدف تقديم تحليلات موثوقة وتطوير استجابات سياسية مبتكرة لمواجهة القضايا الاقتصادية المتعددة، وأعرب عن شكره للرئيس أحمد دلال والجامعة الأمريكية بالقاهرة على التزامهما بدعم الحوار والبحث والابتكار في السياسات.

 

من جانبه، أكد رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة، الدكتور أحمد دلال، على أهمية المؤتمر كمنصة حيوية لتعزيز التعاون بين الحكومات والمؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص، موضحاً أن الهدف هو بلورة أفكار عالمية مستنيرة تتناسب مع واقع المنطقة، وأكد أن هذه الشراكات متعددة الأطراف تمثل جوهر رسالة الجامعة الأمريكية بالقاهرة وتركز على البحث والتعليم والحوار المفتوح كدوافع لتحقيق الاستقرار والنمو الشامل.

 

تحت عنوان “توجيه السياسات الاقتصادية الكلية والهيكلية في ظل مشهد اقتصادي عالمي متغير”، تركزت المناقشات على أربع قضايا محورية تُشكل مستقبل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:

 

**السياسة المالية:** مع بلوغ الدين العام مستويات غير مسبوقة، شدد الخبراء على ضرورة إعادة بناء الهوامش المالية مع مواجهة التحديات الاجتماعية وضغوط تغير المناخ، وتضمنت المقترحات إصلاحات في الأطر المالية وتعزيز تعبئة الإيرادات من خلال ضرائب الشركات متعددة الجنسيات.

 

**السياسة النقدية:** استعرض المشاركون الدروس المستفادة من موجات التضخم الأخيرة، مؤكدين على أهمية تبني سياسات نقدية استباقية للتعامل مع الصدمات العالمية، خاصة في الأسواق الناشئة.

 

**السياسة الصناعية:** شهدت الجلسات تركيزاً متزايداً على أهمية السياسة الصناعية كأداة لتعزيز النمو الشامل والابتكار، وأكد المتحدثون ضرورة التوازن بين الاستراتيجيات الرأسية والإصلاحات الأفقية التي تشجع الاستثمار الخاص.

 

**التحول الأخضر والذكاء الاصطناعي:** أثار تقاطع العمل المناخي والتحول الرقمي نقاشات عميقة حول تأثيرهما على أسواق العمل، حيث ركزت التوصيات على أهمية الاستثمار في رأس المال البشري وتوفير شبكات أمان اجتماعي.

 

خلال جلسات المؤتمر، كان هناك إجماع واضح على أن تعزيز صمود اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتطلب إصلاحات مؤسسية، وتعاون عبر الحدود، واستثمارات مستدامة في المهارات والابتكار، كما أكد المشاركون على أهمية دمج السياسات في الواقع المحلي، وهو نهج تعهدت كل من مفوضية الاتحاد الأفريقي وصندوق النقد الدولي بدعمه.

 

جمع المؤتمر أيضاً مجموعة من الأكاديميين والاقتصاديين البارزين من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى المسؤولين الحكوميين وممثلي المنظمات الدولية، ومن بينهم الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في مصر، والدكتور يوسف بطرس غالي، عضو المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية، والدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة.

 

اختتم نايجل كلارك، نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، بالقول: “يمثل هذا المؤتمر علامة فارقة تعكس التزام صندوق النقد الدولي بتعميق التعاون مع الأوساط البحثية، ونسعى من خلال هذا الحوار متعدد الأطراف للوصول إلى فهم أعمق لكيفية توجيه مواردنا لمواجهة التحديات الأكثر إلحاحاً في المنطقة.”