صباح اليوم، شهدت الكاتدرائية المرقسية بالعباسية سيامة ثمانية أساقفة جدد بيد قداسة البابا تواضروس الثاني والآباء المطارنة والأساقفة، وذلك في قداس عيد مجئ السيد المسيح والعائلة المقدسة إلى أرض مصر.

مقال له علاقة: اجتماعات المجمع المقدس تبدأ في الكاتدرائية | صور
القداس الإلهي
قام قداسة البابا تواضروس الثاني بوضع اليد الرسولية على الرهبان الثمانية المتقدمين لنوال درجة الأسقفية، حيث تمت سيامة أربعة أساقفة لإيبارشيات جديدة، اثنان منهم لإيبارشية ديرمواس ودلجا، وآخران لإيبارشية جنوبي ألمانيا ودير القديس الأنبا أنطونيوس بكريفلباخ، والأسقفين الآخرين لإيبارشيتين جديدتين هما إيبارشية مطروح والخمس مدن الغربية، وإيبارشية برج العرب والعامرية.
كما تم سيامة أسقف ورئيس لدير القديس مكاريوس السكندري بجبل القلالي بمحافظة البحيرة، وثلاثة أساقفة عموم لقطاعات كنائس عين شمس والمطرية وحلمية، وقطاع كنائس حدائق القبة والوايلي والعباسية ومنشية الصدر، بينما سيخدم الثالث كأسقف عام مساعد لنيافة الأنبا شاروبيم بإيبارشية قنا.
وفي العشية السابقة، تم الإعلان عن تجليس نيافة الأنبا إيلاريون الأسقف العام على إيبارشية البحيرة وتوابعها.
مشاركة واسعة
شهد القداس حضور الآباء المطارنة والأساقفة ووكيلي البطريركية بالقاهرة والإسكندرية، بالإضافة إلى عدد كبير من الآباء الكهنة والرهبان وممثلين عن شعب كل إيبارشية تمت سيامة أسقف لها.
بعد قراءة الابركسيس، دخل موكب الآباء الرهبان الثمانية إلى داخل الكنيسة، يحيط بكل واحد منهم اثنان من أحبار الكنيسة، وأمامهم خورس الشمامسة وهم يرتلون لحن “تي جاليلي آآ” الذي يُصلى في عيد دخول السيد المسيح أرض مصر، واستقبلهم الشعب بفرحة كبيرة عبروا عنها بالتصفيق والزغاريد.
وقبل بدء الصلوات، أشار قداسة البابا إلى أن سيامة الأساقفة تأتي بعد قراءة فصل الابركسيس لأن عملهم يعد امتدادًا لعمل الآباء الرسل الذين أرسلهم السيد المسيح للكرازة، بينما تكون سيامة الكاهن عقب صلاة الصلح لأن عمله الأول هو أن يكون مصليًا وشفيعًا، وأضاف: “ومن هنا تكتسب درجة الأسقفية جلالها وقيمتها ومستواها الرفيع” وأكد على أهمية الصلاة لأجلهم لكي يمنحهم الله الأمانة في خدمتهم القادمة
ثم صلى قداسته صلاة الشكر، تلتها تلاوة الآباء المطارنة والأساقفة لتذكية الأب الأسقف، أعقبها الطلبة، ثم التف الآباء حول كل راهب من الثمانية ووضعوا أيديهم عليه، في لحظة نطق قداسة البابا اسمه الأسقفي الجديد، حيث نطق قداسته الاسم ثلاث مرات، مباركًا باسم الآب والابن والروح القدس.
أسماء الأساقفة الجدد
الآباء الأساقفة الثمانية الجدد هم:
– نيافة الأنبا باخوميوس، أسقفًا ورئيسًا لدير القديس مكاريوس السكندري بجبل القلالي، بمحافظة البحيرة
– نيافة الأنبا كاراس، أسقفًا لإيبارشية مطروح والخمس مدن الغربية.
ممكن يعجبك: رفع مستوى الاستعداد في المحافظات بمناسبة عيد الأضحى المبارك
– نيافة الأنبا مينا، أسقفًا لإيبارشية برج العرب والعامرية.
– نيافة الأنبا بقطر، أسقفًا لإيبارشية ديرمواس ودلجا، بمحافظة المنيا.
– نيافة الأنبا ديسقورس، أسقفًا لإيبارشية جنوبي ألمانيا ورئيسًا لدير القديس الأنبا أنطونيوس بكريفلباخ.
– نيافة الأنبا أولوجيوس، أسقفًا عامًا، وتم تكليفه برعاية قطاع كنائس عين شمس والمطرية وحلمية الزيتون.
– نيافة الأنبا أثناسيوس، أسقفًا عامًا، وتم تكليفه برعاية قطاع كنائس حدائق القبة والوايلي والعباسية ومنشية الصدر.
– نيافة الأنبا إغناطيوس، أسقفًا عامًا، وتم تكليفه بمعاونة نيافة الأنبا شاروبيم مطران إيبارشية قنا (بناءً على طلب نيافته)
عقب انتهاء طقس السيامة، تلا الآباء المطارنة والأساقفة عليهم وصية الأب الأسقف، ثم التقطت صور تذكارية للأساقفة الجدد مع قداسة البابا، ثم توسط قداسته أعضاء المجمع المقدس للكنيسة وحوله الأساقفة الجدد والتقطت لهم صورة تذكارية.
عظة البابا تواضروس
في عظة القداس، قال قداسة البابا: “نجتمع في هذه الأيام المباركة التي نحتفل فيها بالقيامة والصعود، واليوم نحتفل بعيد دخول السيد المسيح أرض مصر، ونحتفل أيضًا بإضافة ثمانية من الآباء الأساقفة الجدد إلى جانب تجليس نيافة الأنبا إيلاريون”
وعن إنجيل القداس تناول قداسته الآية الواردة فيه: “اُطْلُبُوا تَأْخُذُوا، لِيَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً.” (يو ١٦: ٢٤)، وعلق: “هذه الآية تعتبر قانونًا روحيًّا لنا جميعًا، ويمكن أن نضيف عليها كلمتي الإيمان والصبر، اطلبوا بإيمان تأخذوا بالصبر فيكون فرحكم كاملاً، فنحن نعيش بالإيمان، وإيماننا هو الذي يعطي كنيستنا الطاقة والقوة من جيل إلى جيل، والصبر دائمًا هو عمل ونعمة كبيرة يعطيها الله للإنسان ومنه يحصد منافع كبيرة، وفي سفر الرؤيا تتكرر عبارة “هُنَا صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ” (رؤ ١٣: ١٠ و ١٤: ١٢) وأيضًا “بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ.” (لو ١٩: ٢١)
وضع قداسته ٩ مبادئ على غرار ثمار الروح القدس التسعة والتطويبات التسعة التي قالها السيد المسيح في الموعظة على الجبل للآباء الأساقفة الجدد ولكل المطارنة والأساقفة والكهنة والرهبان والأراخنة والخدام، وأكد قداسته على أهمية أن تكون هذه المبادئ دستورًا للجميع تسهم في نجاحهم:
المبدأ الأول: المسيح هو قائد وصاحب الكنيسة، ونحن جميعًا أدوات طيعة في يد الله، وعندما ننمو في الطاعة يستخدمنا المسيح ويصنع بنا عجبًا، أما إذا وضعت ذاتك في طريق الطاعة فتكون حجر عثرة سيمنع نعمة المسيح وعملها معك
المبدأ الثاني: الأسقف يسام لأجل الشعب، لذا من المهم أن تتواجد وسط شعبك باستمرار، فالشعب يفرح ويشعر بسعادة بتواجد الأب وسطهم على الدوام، فلا تبعد عنهم، وجودك يعطيهم روح الأمان والمحبة والطمأنينة، وأيضًا يعمل الله فيك وفيهم
مبادئ نجاح الخدمة
المبدأ الثالث: الاتضاع هو حارس النعمة والموهبة التي نلتها، الأسقفية هي قمة التاج الإكليروسي، ولكننا في الكنيسة لا نؤمن بالترقية إلى فوق، فأقصى درجات الخدمة هي حينما ننحني ونغسل أقدام الآخرين، لذلك اعلم أن اتضاعك الحقيقي سيكون سبب استمرار البركة في حياتك، اتضاعك يحرسك ويجعل قنوات النعمة تعمل فيك وبك، وتجد نفسك صغيرًا أمام نعم الله الكبيرة التي تعمل من خلال اتضاعك، لذا احترس من الذات والأنانية والنفسانية، وجود الذات هو الذي يعيق عمل الخادم الحقيقي أمام الله
المبدأ الرابع: لا تهمل حياتك الروحية، لأنك إن خسرت نفسك خسرت كل الأشياء، ويجب ألا تنسى أنك راهب، لذا يجب أن تستمر في علاقتك مع أب الاعتراف وفي فترات الخلوة الخاصة والتأمل وفحص النفس والضمير، فلا تنسى نفسك في مشغوليات الخدمة العديدة
المبدأ الخامس: اشبع شعبك روحيًا وكنسيًا واجتماعيًا ونفسيًا، فشعبنا ينادينا بـ “أبونا”، وشعبنا المبارك يتميز بأنه عاش ورضع الإيمان، وهو سبب استمرار الكنيسة منذ تأسيسها على يد القديس مار مرقس وحتى الآن، وينتظر منا أن نساعده ليكون في حالة شبع، وطوبى للجياع والعطاش إلى المسيح فإنهم يُشبعون، هو يحتاج منك أن تشبعه بالمسيح والإنجيل والكنيسة والإيمان والروحيات والتوبة والحياة النقية، لذا من المهم أن تهتم بإشباع كل القطاعات: الأطفال والفتيان والشباب والرجال والنساء والأسرة والأسر الصغيرة والأسر الضعيفة وذوي الاحتياجات الخاصة ودور الأيتام
المبدأ السادس: ابتعد عن خطية محبة المال، فهي خطية مميتة، وكما قال السيد المسيح: “لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ، لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ.” (مت ٦: ٢٤)، فالمال مجرد وسيلة خدمة، وعندما يقع الإنسان في خطية اكتناز المال تُجَمِّد قلبه وتجعله قلبًا غير أمين أمام الله، فما يعطيه لنا الله في أيدينا ليس لنا فضل فيه، وهو يضعه لأجل خدمة الشعب، فهي كنيسته وهو الذي يدبرها، وهو يرسل لشعبه احتياجاته
المبدأ السابع: لا تتحدث في الغيبيات وكذلك الأعمال الشيطانية وتفسير الأحلام وكل ما يشبه هذه الأمور، فنحن نصلي: “كل حسد وكل تجربة وفعل الشيطان ومؤامرة الناس الأشرار وقيام الأعداء الخفيين والظاهرين، انزعها عنا”، احذر من الكلام في هذه الأمور سواء في العظات أو الرد على أسئلة الناس، هذه الأمور تصنع ثغرة يتسلل منها الشيطان ويضعك في فخ الكبرياء والذات، هذه ضلالات وخطية ولا تليق بكنيستنا، فنحن في الكنيسة نبحث فقط عن خلاص النفوس وأن يكون لكل إنسان مكان في الملكوت
المبدأ الثامن: اعلم أن الله يصنع كل شئ حسنًا في وقته، فلا تتعجل الأمور لكي لا تدخل في دوائر التعب، فقط كن نشطًا وأمينًا واستخدم وزنة الوقت استخدامًا حسنًا
المبدأ التاسع: الديانة الحقة عند الله هي افتقاد الأرامل واليتامى في ضيقتهم (يع ١: ٢٧)، كثيرون يعيشون في ضيقة، والضيقة هنا ليست مادية فقط وإنما بالأكثر اجتماعية ونفسية، لذا اجعل قلبك وبابك مفتوحين للمتضايقين، وكذلك حفظ الإنسان نفسه بلا دنس، فيجب أن نحترس في وسط مشغوليات الخدمة لنحفظ أنفسنا من أدناس العالم المتنوعة والمتغيرة
وطلب قداسة البابا من الآباء المطارنة والأساقفة أن يوجهوا الدعوة للأساقفة لزيارة إيبارشياتهم لاكتساب خبرة التدبير الرعوي، إضافةً إلى دورة التدبير التي حصلوا عليها خلال الأيام الماضية، كما طلب من الجميع أن يصلوا من أجل الآباء الجدد في فترة صوم الرسل بوصفه صوم الخدمة.
وعقب انتهاء القداس، دار موكب الآباء الأساقفة الجدد داخل الكنيسة وسط ترتيل خورس الشمامسة لحن “خريستوس آنيستي أووه آفشيناف…” وزغاريد النساء تعبيرًا عن الفرحة بسيامتهم، ثم عادوا ليتسلموا عصا الرعاية من قداسة البابا.