130 قطعة في مؤتمر بالمتحف المصري بالتحرير للإعلان عن معرض “كنوز الفراعنة” المؤقت

نظمت وزارة السياحة والآثار، ممثلة في المجلس الأعلى للآثار، مؤتمراً صحفياً بالمتحف المصري بالتحرير للإعلان عن معرض “كنوز الفراعنة” الذي سيُفتتح في العاصمة الإيطالية روما في أكتوبر المقبل، وذلك بالتعاون مع السفارة الإيطالية بالقاهرة وقاعة المعارض الإيطالية “سكوديري ديل كويريناله”.

130 قطعة في مؤتمر بالمتحف المصري بالتحرير للإعلان عن معرض “كنوز الفراعنة” المؤقت
130 قطعة في مؤتمر بالمتحف المصري بالتحرير للإعلان عن معرض “كنوز الفراعنة” المؤقت

يضم المعرض 130 قطعة أثرية تم اختيارها بعناية من المتحف المصري بالتحرير ومتحف الفن بالأقصر، بالإضافة إلى مجموعة من القطع التي تم الكشف عنها حديثاً، ليقدم للزوار تجربة فريدة تأخذهم في رحلة استثنائية إلى قلب الحضارة المصرية القديمة، حيث تروي تاريخ هذه الحضارة العريقة منذ بداياتها وحتى العصور المتأخرة.

معرض كنوز الفراعنة

وفي كلمته خلال المؤتمر، أعرب الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، عن تقديره العميق للتعاون المثمر مع الجانب الإيطالي، الذي يعكس عمق العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيطاليا، خاصة في المجال الثقافي والأثري، مشيراً إلى أهمية المعارض الأثرية المؤقتة في الخارج، حيث تساهم في الترويج للسياحة الثقافية وزيادة أعداد السياح، واصفاً هذه المعارض بأنها جسر ثقافي حيوي، يتيح لجمهور العالم استكشاف ثراء الحضارة المصرية القديمة، ويبرز عبقرية المصريين القدماء في مجالات العلوم والهندسة والفنون، كما تلعب هذه المعارض دورًا محوريًا في تعزيز الحوار بين الثقافات وتقريب الشعوب من خلال التقدير المشترك للتراث الإنساني.

وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أن مصر شهدت زيادة في أعداد السياحة الثقافية خلال العام المالي الحالي، الذي سينتهي في يونيو الجاري، بنسبة بلغت 25% مقارنة بالعام المالي الماضي، وذلك نتيجة الجهود المبذولة من قبل المجلس الأعلى للآثار، حيث يواصل الأثريون والمرممون اكتشافات جديدة تكشف المزيد من أسرار الحضارة المصرية العريقة، كما يتم ترميم وتطوير العديد من المواقع الأثرية والمتاحف، وفتحها للزيارة لجعلها مناطق جذب سياحي، وتنظيم معارض مؤقتة بالخارج، مما ينعكس إيجابياً على أعداد السياحة الثقافية الوافدة إلى مصر.

وأكد الدكتور محمد إسماعيل خالد أن الإعلان عن إقامة المعرض اليوم من المتحف المصري بالتحرير وما يضمه من قطع أثرية، يؤكد أن المتحف سيظل أيقونة المتاحف المصرية وأمها، حتى بعد افتتاح المتحف المصري الكبير في الثالث من يوليو القادم، مشيراً إلى خطة وزارة السياحة والآثار، ممثلة في المجلس الأعلى للآثار، لإلقاء الضوء على المتحف المصري بالتحرير، الذي سيشهد إضافة كافة المكتشفات الحديثة من أعمال الحفائر إلى العرض المتحفي بالمتحف.

ومن جانبه، قال السفير ميكيلي كاروني، سفير دولة إيطاليا بالقاهرة، إن الدبلوماسية الثقافية تعتبر أداة فعّالة للتعبير بلغة إنسانية مشتركة تتجاوز الحدود الجغرافية، وتقرب بين الشعوب، ويأتي هذا المعرض تجسيدًا حيًا لهذا المفهوم، حيث يجمع تحت مظلته مؤسسات وخبراء ومواطنين من مصر وإيطاليا، ليؤكد أن الثقافة ليست مرآة للماضي فقط، بل بوابة تُفتح على المستقبل، فالرابط الثقافي المتجذر بين بلدينا، الذي نشأ من قرون طويلة من التبادل الحضاري عبر ضفتي المتوسط، ما زال ينبض بالحيوية من خلال مثل هذه المبادرات، مما يعمق أواصر التفاهم ويعزز مسارات التعاون البناء.

وأشار الأستاذ مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار، إلى أن هذا المعرض يمثل ثمرة أكثر من عام من العمل المشترك والدؤوب مع شركائنا في إيطاليا، وقد تحقق هذا الإنجاز من خلال التعاون الوثيق مع شركة ALES – ARTE LAVORO E SERVIZI S.p.A، الذراع الثقافي الداخلي لوزارة الثقافة الإيطالية، بالإضافة إلى مؤسسة Mondo Mostre المعروفة بخبرتها الواسعة في تنظيم المعارض الدولية.

وأضاف أن قاعات Scuderie del Quirinale التي ستحتضن المعرض تُعد من أرقى وأهم المواقع الثقافية في إيطاليا، حيث تقع بجوار حدائق كولونا وفوق أنقاض معبد سيرابيس الضخم، وعلى مقربة من قصر كويرينالي، المقر الرسمي لرئيس الجمهورية الإيطالية، وكذلك المحكمة الدستورية، مما يجعل اختيار هذا المكان لاستضافة المعرض تعبيراً عن الاحترام والتقدير الكبيرين اللذين يكنهما الشعب الإيطالي للحضارة المصرية القديمة، معرباً عن أمله في أن يكون هذا المعرض نواة لمزيد من التعاون مع الجانب الإيطالي في الفترة المقبلة.

وقال الدكتور فابيو تاليافيرّي، رئيس مجلس إدارة شركة ALES، إنه من خلال شراكتها مع وزارة الثقافة الإيطالية في إدارة Scuderie del Quirinale، حققت شركة ALES SpA هدفًا استراتيجياً مهماً عبر تنظيم هذا المعرض الكبير “كنوز الفراعنة”، مثمناً الدعم الاستثنائي لهذا المعرض، والذي يؤكد الدور المحوري للثقافة في تعزيز العلاقات الدولية، ويعكس التزام ALES بتنظيم معارض ذات طابع تاريخي وجغرافي بالغ الأهمية.

كما أعرب الدكتور ماتيو لافرانكوني، مدير قاعات Scuderie del Quirinale في روما، عن فخره بهذا المعرض، الذي يمثل فرصة فريدة لتقديم مشروع ثقافي طموح للجمهور الإيطالي، وتوجه بالشكر لكافة القائمين على تنظيم هذا المعرض، وكذلك المتحف المصري في تورينو، الذي يشارك بواحدة من مقتنياته، وهي مائدة إيزيس الشهيرة (Mensa Isiaca)، التي تجسد العلاقة التاريخية المتينة بين مصر وروما، وتعتبر رمزًا للحوار والتواصل الممتد بين البلدين عبر آلاف السنين.

يضم المعرض 130 قطعة أثرية تم اختيارها بعناية من المتحف المصري بالتحرير ومتحف الفن بالأقصر، لتروي قصة الحضارة المصرية العريقة عبر حقب زمنية متعددة، من خلال محاور تشمل الملكية، البلاط الملكي، المعتقدات الدينية، الحياة اليومية، الطقوس الجنائزية، والعالم الآخر، وسيظل المعرض مفتوحًا أمام الجمهور حتى مايو 2026، موفراً فرصة ممتدة للتواصل مع ماضينا العريق.

من بين أبرز القطع الأثرية التي يضمها المعرض، هناك قطع تصل إيطاليا لأول مرة، مثل التابوت الذهبي للملكة أحمس نفرتاري، الذي يُعتبر مثالاً لفنون الدفن في الدولة الحديثة، والمغطى بالكامل بالذهب، مما يعكس مكانة الملكة الرفيعة وعلاقتها الإلهية في وقت شهد تحولات سياسية كبرى، بالإضافة إلى القناع الذهبي الجنائزي للملك أمنموب، الذي يُجسد مفهوم الخلود الملكي من خلال استخدام الذهب، المعدن المقدس المرتبط بإله الشمس رع.

كما يضم المعرض ثلاثية الملك منكاورع، وهي منحوتة ضخمة تعود لعصر الدولة القديمة، تمثل الملك واقفاً بين الإلهة حتحور والإله المحلي لمنطقة طيبة، في تجسيد قوي للسلطة المقدسة، والتابوت الذهبي لتويا، جدة الملك إخناتون، بزخارفه ونقوشه الهيروغليفية التي تروي رحلتها إلى العالم الآخر، ومن القطع المميزة أيضاً قلادة الذباب الذهبي الأسطورية الخاصة بالملكة أحمس نفرتاري، وهي وسام عسكري لم يُمنح إلا لأعظم محاربي مصر، وتشهد على دورها الحيوي في حماية استقرار المملكة في فترة مفصلية من تاريخها.

يستعرض المعرض أيضاً المجتمع المصري القديم، وسلطة الفراعنة الإلهية، والحياة اليومية، والمعتقدات الدينية، والطقوس الجنائزية، وأحدث الاكتشافات الأثرية، ومن تماثيل الملك رمسيس السادس والملك تحتمس الثالث المهيبة إلى الحُلي الملكية الدقيقة، ومن الأدوات اليومية المصنوعة ببراعة إلى التوابيت المزخرفة بالرموز المقدسة، يكشف المعرض عن مدى التطور الفني والروحاني العميق الذي ميّز الحضارة المصرية القديمة وجعلها واحدة من أكثر الحضارات سحراً وتأثيراً في التاريخ.

يخصص المعرض محوراً خاصاً “للمدينة الذهبية”، التي تُعتبر من أهم الاكتشافات الأثرية في السنوات الأخيرة، حيث كشفت الحفائر عن مجمع سكني كبير يعود إلى عهد الملك أمنحتب الثالث والملك إخناتون، وقدمت رؤى غير مسبوقة حول الحياة اليومية للحرفيين وأسرهم.

والجدير بالذكر أن معرض “كنوز الفراعنة” يعد ثاني أكبر معرض أثري يقام في إيطاليا بعد المعرض الذي أقيم في قصر غراسي في مدينة البندقية بين عامي 2002 و2003، والذي سلط الضوء على دور الملوك في عصر الدولة الحديثة.