تجاوز الدولار حاجز الـ50 جنيها هبوطًا لأول مرة منذ شهور، بينما يشهد الجنيه المصري تحسنًا ملحوظًا أمام الدولار الأمريكي خلال الأيام الماضية، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل اقتصادية قوية، أبرزها التدفق القوي للتحويلات من المصريين العاملين في الخارج، إضافة إلى الارتفاع الملحوظ في إيرادات قطاع السياحة.

اقرأ كمان: أسعار الدواجن والبيض ليوم الثلاثاء 27 مايو 2025
سجل سعر صرف الدولار الأمريكي تراجعًا نسبيًا خلال تعاملات الأسبوع الماضي في معظم البنوك المحلية، حيث بلغ سعر الدولار في البنك المركزي المصري 49.73 جنيه للشراء و49.85 جنيه للبيع.
مقال له علاقة: الرقابة المالية وأهمية الذكاء الاصطناعي في تطوير القطاع المالي
تغيرت توقعات المحللين وبنوك الاستثمار بشأن أداء الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي بعد ظهور معطيات جديدة تعزز نمو التدفقات الأجنبية الحالية والمرتقبة، مما يرفع التوقعات الإيجابية لارتفاع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار في الفترة المقبلة.
هبوط الدولار مقابل الجنيه لأول مرة منذ شهور.
شهد سعر صرف الجنيه المصري ارتفاعًا بنحو 1.3% منذ بداية مايو الحالي، وفقًا لأسعار البنك المركزي الرسمية، حيث تراجع سعر الدولار إلى 50.05 جنيه للشراء و50.15 جنيه للبيع في بعض البنوك بنهاية تعاملات أمس، بعد أن كان 50.74 جنيه للشراء و50.87 جنيه للبيع في نهاية أبريل.
أبرز التوقعات بشأن تعافي الجنيه.
أفاد محللو الاقتصاد الكلي لدى بنوك استثمار مصرية بأن الجنيه المصري سيشهد قوة وتماسكًا أكبر مقابل الدولار في الفترة المقبلة، بسبب التدفقات الدولارية المتوقعة من عدة مصادر، مثل تحويلات المصريين بالخارج وتحسن إيرادات السياحة، بالإضافة إلى ثقة المستثمرين الأجانب في أدوات الدين الحكومي رغم خفض الفائدة.
شهدت السوق عودة قوية لمشتريات المستثمرين في أدوات الدين المحلية، حيث بلغت قيمة الاستثمارات نحو 1.1 مليار دولار خلال الأسبوع الماضي، وكان أغلبها من مستثمرين عرب، مما يعكس تنامي الثقة في الاقتصاد المصري وقدرته على تحقيق الاستقرار النقدي والمالي.
وفي أحدث عطاء لوزارة المالية المصرية لطرح أدوات الدين المحلية، الذي بلغت قيمته 80 مليار جنيه، أبدت المؤسسات الأجنبية اهتمامًا واضحًا، حيث وصل إجمالي العروض المقدمة إلى نحو 204 مليارات جنيه، قبلت الوزارة منها 111.5 مليار جنيه، مما يعكس تحسن شهية المستثمرين الأجانب للدين المحلي المصري.
إيرادات السياحة.
يأتي هذا التحسن في وقت تعمل فيه الحكومة المصرية على تنفيذ عدد من الإصلاحات الاقتصادية، بدعم من برنامج تعاون مع صندوق النقد الدولي، يهدف إلى تعزيز استقرار العملة وزيادة موارد النقد الأجنبي.
ورغم التوترات التي تشهدها المنطقة، تمكنت مصر من تحقيق إيرادات سياحية بلغت نحو 15.3 مليار دولار خلال العام الماضي، وتسعى للوصول إلى 17 أو 18 مليون سائح في عام 2025.
ارتفاع تحويلات المصريين في الخارج.
كشفت بيانات رسمية حديثة عن قفزة تاريخية في تحويلات المصريين العاملين بالخارج بعد عام من الإجراءات الإصلاحية المتخذة في مارس 2024.
أوضحت البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري أنه خلال الفترة من مارس 2024 وحتى نهاية فبراير 2025، قفزت تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 72.4% وبمقدار 13.7 مليار دولار لتصل إلى نحو 32.6 مليار دولار.
كما ارتفعت التحويلات خلال شهر فبراير 2025 للشهر الثاني عشر على التوالي بأكثر من الضعف، لتصل إلى نحو 3 مليارات دولار، مقابل نحو 1.3 مليار دولار خلال شهر فبراير 2024، وهي تدفقات لم تحدث من قبل خلال هذا الشهر تاريخيًا.
أضاف المحللون أن مصر تتطلع إلى تحويل ودائع من بعض الدول العربية لاستثمارات مباشرة قريبًا، بجانب الهدوء النسبي للتوترات الجيوسياسية في المنطقة، مما يعكس ثقة المستثمرين في الاقتصاد المحلي.
قال رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، مصطفى شفيع، إن قوة سعر الصرف مرتبطة بشكل أساسي بحجم التدفقات الأجنبية للداخل، خاصة من الدولار مقابل التدفقات للخارج أو الالتزامات المستحقة على الدولة، متوقعًا استمرار تراجع الدولار حتى مستوى 50 جنيها خلال العام المالي الحالي.
وعزى توقعاته إلى النمو القوي لتحويلات المصريين بالخارج، بالإضافة إلى ارتفاع إيرادات النشاط السياحي في مصر، خاصة مع بدء موسم الصيف.
قفزت تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى 32.6 مليار دولار بمعدل نمو 72.4% وبمقدار 13.7 مليار دولار خلال الفترة (مارس/فبراير 2024/2025).
تستهدف الحكومة زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى نحو 35 مليار دولار في عام 2025/2026، وصولًا إلى حوالي 45 مليار دولار في عام 2028/2029، وفقًا لوثيقة خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي المقبل.
“من المتوقع تحسن إيرادات قناة السويس تدريجياً لتكون أكثر نمواً بداية العام المقبل في ظل هدوء التوترات بالبحر الأحمر”، وفقًا لشفيع.
توقعت العضو المنتدب لشركة عكاظ لتكوين وإدارة محافظ الأوراق المالية، وعضو مجلس إدارة البورصة المصرية، رندا حامد، استمرار تراجع سعر الدولار إلى 50 جنيها والاستمرار عند هذا المستوى حتى نهاية النصف الأول من العام المالي المقبل.
أشارت حامد إلى النمو الملحوظ في التدفقات الدولارية لمصر، سواء من تحويلات المصريين بالخارج أو تحسن إيرادات السياحة حاليًا، والنمو المتوقع لها في الفترة المقبلة، خاصة مع افتتاح المتحف الكبير الذي سيعزز السيولة بالعملات الأجنبية ويحافظ على استقرار سعر الصرف.
تزايد تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال المناطق الصناعية سينعكس إيجابياً وتدريجياً على معدلات تدفق العملة الأجنبية للداخل، وبالتالي على سعر الصرف.
الأموال الساخنة تعزز السيولة الأجنبية.
توقعت محللة الاقتصاد الكلي بشركة الأهلي فاروس، إسراء أحمد، استمرار انخفاض الدولار مقابل الجنيه في الفترة المقبلة، مدعومًا بتدفقات أجنبية لسوق الدين من ناحية، وتدفقات هيكلية للحساب الجاري من ناحية أخرى.
“وارد جداً تراجع سعر صرف الدولار دون مستوى 50 جنيها الأيام المقبلة، في ظل تعافي أغلب مصادر العملة الأجنبية لمصر”، وفقًا لأحمد.
أشارت إلى أن المحادثات الأمريكية الصينية حول الرسوم الجمركية ومحاولة الوصول لحلول مرضية أنهت حالة عدم اليقين التي كانت سائدة في الأسابيع الماضية، والتي أثرت على التدفقات الأجنبية للأسواق الناشئة ومنها مصر.
أكدت عودة استثمارات الأجانب في أدوات الدين لمصر بعد انتهاء مرحلة العزوف النسبي من المستثمرين بسبب الحرب التجارية بين الصين وأميركا وتأثيراتها السلبية على الثقة في الاقتصادات المختلفة.
تلقت السوق الثانوية للدين الحكومي المصري صافي مشتريات من العرب والأجانب بلغت نحو 1.1 مليار دولار خلال الأسبوع الماضي، وفقًا لبيانات البورصة المصرية.
أشار شفيع إلى أنه رغم خفض الفائدة على الجنيه، إلا أن معدلاتها مازالت جاذبة للمستثمرين الأجانب، خاصة مع انحسار مخاطر عدم اليقين الناتجة عن الجمارك الأمريكية.
“آلية العرض والطلب حاليًا هي المتحكم الرئيسي في تسعير العملة بمصر، ولا يوجد حاليًا مسببات طلب مرتفعة أو غير محسوبة، مما يحافظ على استقرار سعر الصرف الفترة المقبلة”، بحسب شفيع.
هدوء التوترات الجيوسياسية يعيد ثقة المستثمرين.
قالت إسراء أحمد إن التوترات الجيوسياسية حاليًا أكثر هدوءًا، خاصة على جانب الحوثيين وتوترات البحر الأحمر، مما يحمل أثرًا إيجابيًا لإيرادات قناة السويس، وحال تم التوصل لوقف إطلاق النار في غزة سيتحسن الأمر بشكل أكبر.
“تبحث شركات شحن عالمية حاليًا العودة لمسار قناة السويس، بالإضافة لتحسن إيرادات السياحة وتحويلات العاملين بالخارج، مما من شأنه تخفيف الأعباء عن الحساب الجاري لمصر”، وفق إسراء أحمد.
أضافت أن نمو التدفقات الدولارية يقلل من المخاطر الائتمانية لمصر، مما يمنحها قدرة على سداد وهيكلة التزاماتها عبر تيسير شروط الاقتراض الدولي، وبالتالي يكون هناك مرونة في سد فجوة التمويل مقارنة بالظروف السابقة.
رفع صندوق النقد الدولي من توقعاته بشأن سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار، مدفوعًا بتحسن نظرته لأداء الاقتصاد المصري ومعدلات نموه المتوقعة خلال الفترة المقبلة.
يتوقع الصندوق أن يسجل سعر صرف الجنيه خلال العام الجاري نحو 49.60 جنيه مقارنة بتوقعاته السابقة عند 50.60 جنيه، كما خفّض توقعاته لسعر الصرف خلال العام المالي المقبل من 54.89 جنيه إلى 52.26 جنيه للدولار.
صندوق النقد يفاجئ الأسواق بتوقعات سعر صرف الجنيه.
رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار ليسجل 49.6 جنيه في المتوسط خلال العام المالي الحالي، مقابل 50.6 جنيه في تقديراته السابقة.
قدر الصندوق سعر الدولار بنحو 52.26 جنيه في العام المالي المقبل بدلاً من 54.89 جنيه، وفي العام المالي التالي يصل إلى 54.1 جنيه مقابل 57.2 جنيه تقديراته السابقة.
لا يعلن صندوق النقد عن توقعاته بشكل مباشر، لكنه يعلن توقعاته للناتج المحلي بالجنيه والقيمة المعادلة بالدولار.
كانت ديناميكيات سعر العملة هي السبب الرئيسي لتخفيض تقديرات النمو في مصر خلال يناير الماضي، لكن يبدو أن الأمور باتت أفضل.